آثاره كل مكان؟
و هناك احتمال آخر في تفسير هذه الآية و هوأنّ موسى عليه السلام طلب لنفسه هذاالمطلب حقيقة، و لكن لم يكن مقصودهمشاهدته بالعين التي تستلزم جسمانيتهتعالى، و تنافي نبوة موسى عليه السلام، بلالمقصود هو نوع من الإدراك الباطني والمشاهدة الباطنية، نوع من الشهود الكاملالروحيّ و الفكري، لأنّه كثيرا ما تستعملالرؤية في هذا المعنى مثلما نقول: «أنا أرىفي نفسي قدرة على القيام بهذا العمل» فيحين أنّ القدرة ليست شيئا قابلا للرؤية،بل المقصود هو أنّني أجد هذه الحالة فينفسي بوضوح.كان موسى عليه السلام يريد أن يصل إلى هذهالمرحلة من الشهود و المعرفة، في حين أنالوصول إلى هذه المرحلة لم يكن ممكنا فيالدنيا، و إن كان ممكنا في عالم الآخرةالذي هو عالم الشهود.و لكن اللّه تعالى أجاب موسى عليه السلامقائلا: إنّ مثل هذه الرؤية غير ممكنة لك، ولإثبات هذا المطلب تجلّى للجبل، فتحطّمالجبل و تلاشى، و بالتالي تاب موسى من هذاالطلب «1».و لكن هذا التّفسير مخالف لظاهر الآيةالمبحوثة هنا، و يتطلب ارتكاب التجوّز منجهات عديدة «2» هذا مضافا إلى أنّه ينافيبعض الرّوايات الواردة في تفسير الآيةأيضا، فالحق هو التّفسير الأول.(1) ملخص من تفسير الميزان، المجلد الثامن،
(2) فهو مخالف لمفهوم الرؤية، و لإطلاقجملة «لن تراني» و جملة «أ تهلكنا بما فعلالسفهاء منّا» هذا بغض النظر عن أن طلبالشهود الباطني ليس أمرا سيئا ليتوب منهموسى، فقد طلب إبراهيم من اللّه مثل هذاالمطلب في مجال المعاد أيضا و لبى اللّهطلبه.و لو أن الجواب في مجال الشهود الباطنيللّه بالنفي لما كان دليلا على المؤاخذة والعقاب.