سَبِيلًا و الثّالثة إنّهم على العكس وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّيَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا.بعد ذكر هذه الصفات الثلاث الحاكيةبرمتها عن تصلب هذا الفريق تجاه الحق،أشار إلى عللها و أسبابها، فقال: ذلِكَبِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ.و لا شك أنّ التكذيب لآيات اللّه مرّة- أوبضع مرات- لا يستوجب مثل هذه العاقبة، فبابالتوبة مفتوح في وجه مثل هذا الإنسان، وإنّما الإصرار في هذا الطريق هو الذي يوصلالإنسان إلى نقطة لا يعود معها يميّز بينالحسن و القبيح، و المستقيم و المعوج، أييسلب القدرة على التمييز بين «الرشد» و«الغي».ثمّ تبيّن الآية اللاحقة عقوبة مثل هؤلاءالأشخاص و تقول: وَ الَّذِينَ كَذَّبُوابِآياتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْأَعْمالُهُمْ.و «الحبط» يعني بطلان العمل و فقدانهللأثر و الخاصية، يعني أنّ مثل هؤلاءالأفراد حتى إذا عملوا خيرا فإنّ عملهم لنيعود عليهم بنتيجة (و للمزيد من التوضيححول هذا الموضوع راجع ما كتبناه عند تفسيرالآية 217 من سورة البقرة).و في ختام الآية أضاف بأن هذا المصير ليسمن باب الانتقام منهم، إنما هو نتيجةأعمالهم هم، بل هو عين أعمالهم ذاتها و قدتجسمت أمامهم هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ماكانُوا يَعْمَلُونَ؟! إنّ هذه الآية نموذجآخر من الآيات القرآنية الدالة على تجسّمالأعمال، و حضور أعمال الإنسان خيرها وشرها يوم القيامة.