هذا بالنسبة إلى فترة ما قبل النّبوة، وأمّا بعد البعثة فلم ينقل أحد المورّخينأنّه تلقى القراءة أو الكتابة من أحد، وعلى هذا بقي صلّى الله عليه وآله وسلّم علىأميّته حتى نهاية عمره.و لكن من الخطأ الكبير أن تتصوّر أنّ عدمالتعلّم عند أحد يعني عدم المعرفةبالكتابة و القراءة، و الذين فسّروا«الأمّية» بعدم المعرفة بالكتابة والقراءة كأنّهم لم يلتفتوا إلى هذاالتفاوت.و لا مانع أبدا من أنّ النّبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم كان عارفا بالقراءة والكتابة بتعليم اللّه، و من دون أن يتتلمذعلى يد أحد من البشر، لأنّ مثل هذه المعرفةهي بلا شك من الكمالات الإنسانية، و مكملةلمقام النّبوة.و يشهد بذلك ما ورد في الأحاديث المرويةعن أهل البيت عليهم السّلام «1» أن نصالرواية و لكنّه لأجل أن لا يبقى أي مجاللأدنى تشكيك في دعوته لم يكن صلّى اللهعليه وآله وسلّم يستفيد من هذه المقدرة.و قول البعض: إنّ القدرة على الكتابة والقراءة لا تعدّ كمالا، فهما وسيلة للوصولإلى الكمالات العلميّة، و ليسا بحدّ ذاتهاعلما حقيقيا و لا كمالا واقعيا فإن جوابهكامن في نفسه، لأنّ العلم بطريق الكمالكمال أيضا.قد يقال: إنّه نفي في روايتين عن أئمّة أهلالبيت عليهم السّلام بصراحة تفسير«الأمّي» بعدم القراءة و الكتابة، بلبالمنسوب إلى «أم القرى» (مكّة).و نقول في الردّ: إنّ إحدى هاتينالروايتين «مرفوعة» حسب اصطلاح علمالحديث فلا قيمة لها من حيث السند، والرواية الأخرى منقولة عن «جعفر بن محمّدالصوفي» و هو مجهول. (1) تفسير البرهان المجلد الخامس،