إنّ هذه الآية قد تشير إلى فريق صغير لميسلّموا للسامريّ و دعوته، و كانوايدافعون عن دين موسى دائما و أبدا، أو إلىالفرق و الطوائف الصالحة الأخرى التي جاءتبعد موسى عليه السّلام.و لكن هذا المعنى يبدو غير منسجم مع ظاهرالآية، لأن «يهدون» و «يعدلون» فعل مضارع،و هو على الأقل يحكي عن زمان الحال، يعنيعصر نزول القرآن، و يثبت وجود مثل هذاالفريق في ذلك الزمان، إلّا أن نقدّر فعل«كان» فتكون الآية إشارة إلى الزمانالماضي، و نعلم أن التقدير من دون قرينةخلاف الظاهر.و كذلك يمكن أن يكون ناظرا إلى الأقليةاليهودية الذين كانوا يعيشون في عصر رسولاللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم و الذيناعتنقوا الإسلام تدريجا و بعد مطالعة دعوةالنّبي و محتوى رسالته، و انضموا إلى صفوفالمسلمين الصادقين. و هذا التّفسير ينسجمأكثر مع ظاهر الفعلين المضارعينالمستعملين فيها.و ما جاء في بعض روايات الشيعة و السنة منأنّ هذه الآية إشارة إلى فريق صغير من بنيإسرائيل يعيشون فيما وراء الصين، عيشة عدلو تقوى و توحيد و عبودية اللّه تعالى فغيرمقبول، لأنّه مضافا إلى عدم موافقته لمانعلمه من جغرافيا العالم اليوم، و مضافاإلى أن التواريخ الحاضرة الموجودة لا تؤيدهذا الموضوع، فإنّ الأحاديث المذكورة غيرمعتبرة من حيث السند، و لا يمكن أن يعتمدعليها كأحاديث صحيحة حسب قواعد علمالرجال.و في الآية اللاحقة يشير القرآن الكريمإلى عدّة أقسام من نعم اللّه على بنيإسرائيل.فيقول أوّلا: وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْعَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً و هذاالتقطيع و التقسيم إنّما هو لأجل أنيسودهم نظام عادل، بعيد عن المصادماتالخشنة.و واضح أنّه عند ما يكون في شعب من الشعوبتقسيمات إدارية صحيحة