و بالرغم من أن اللّه فتح أمامهم أبوابالرحمة، و لو أردوا اغتنام الفرصةلاستطاعوا حتما إصلاح ماضيهم و حاضرهم، ولكن لم يغتنم الظالمين من بني إسرائيل هذهالفرصة فحسب، بل بدّلوا أمر اللّه، وقالوا خلاف ما أمروا أن يقولوه:فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْقَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ.و في المآل نزل عليهم بسبب هذا الطغيان والظلم للنفس و للآخرين عذاب من السماءفَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَالسَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ.و يجب الانتباه إلى أنّ مضمون هاتينالآيتين جاء أيضا- مع فارق بسيط- في سورةالبقرة الآية (58) و (59) و قد أوردنا تفسيراأكثرا تفصيلا هناك.و الفرق الوحيد بين هذه الآيات المبحوثةهنا، و آيات سورة البقرة هو أنّه يقول هنا:بِما كانُوا يَظْلِمُونَ، و قال هناك:بِما كانُوا يَفْسُقُونَ، و لعل الفارقبين هذين إنما هو لأجل أن الذنوب لهاجانبان: أحدهما الجانب المرتبط باللّه، والجانب الآخر مرتبط بنفس الإنسان. و قدأشار القرآن إلى الجانب الأوّل في آيةسورة البقرة بعبارة «الفسق» الذي مفهومهالخروج عن طاعة اللّه، و إلى الثّاني فيالآية الحاضرة بعبارة «الظلم».ما هي «حطّة» و ماذا تعني؟الجدير بالذكر أن بني إسرائيل كانوامكلّفين بأن يطهروا قلوبهم و أرواحهم عنددخولهم بيت المقدس من أدران الذنوب بتوبةخالصة و واقعية تتلخص في كلمة «حطّة» و أنيطلبوا من اللّه المغفرة لكل تلك الجرائمالتي ارتكبوها، و بخاصّة ما آذوا بهنبيّهم العظيم موسى بن عمران قبل ورودهمبيت المقدس.و كلمة «حطّة» التي كانت- في الحقيقة-شعارهم عند دخولهم بيت المقدس، هي صورةاختصارية لعبارة «مسألتنا حطّة» يعنينطلب منك يا ربّ أن تحطّ عنّا ذنوبنابإنزال شآبيب الرحمة و العفو علينا، لأنّ«حطّة» معناها إنزال