بظهور نبيّ الإسلام صلّى الله عليه وآلهوسلّم، لا ينفصل عن الإيمان بهذا النّبي.إنّ في التعبير بـ «يمسّكون» الذي هوبمعنى الاعتصام و التمسك بشيء نكتةملفتة للنظر، لأنّ التمسك بمعنى الأخذ والالتصاق بشيء لحفظه و صيانته، و هذه هيالصورة الحسيّة للكلمة، و أمّا الصورةالمعنوية لها فهي أن يلتزم الإنسانبالعقيدة بمنتهى الجدية و الحرص، و يسعىفي حفظها و حراستها.إنّ التمسك بالكتاب الإلهي ليس هو أن يمسكالإنسان بيده أوراقا من القرآن أو التوراةأو الإنجيل أو أي كتاب آخر و يشدّها عليهبقوة، و يجتهد في حفظ غلافه و ورقه منالتلف، بل التمسك الواقعي هو أن لا يسمحلنفسه بأن يرتكب أدنى مخالفة لتعاليم ذلكالكتاب، و أن يجتهد في تحقيق و تطبيقمفاهيمه من الصميم.إنّ الآيات الحاضرة تكشف لنا بوضوح عن أنّالإصلاح الواقعي في الأرض لا يمكن من دونالتمسك بالكتب السماوية، و من دون تطبيقالأوامر و التعاليم الإلهية، و هذاالتعبير يؤكّد- مرّة أخرى- هذه الحقيقة، وهي أنّ الدين ليس مجرّد برنامج يرتبطبعالم ما وراء الطبيعة، و بدار الآخرة، بلهو برنامج للحياة البشرية، و يهدف إلى حفظمصالح جميع أفراد البشر، و إجراء مبادئالعدل و السلام و الرفاه و الاستقرار، وبالتالي كل مفهوم تشمله كلمة «الإصلاح»الواسعة المعنى.و ما نراه من التركيز على خصوص «الصلاة»من بين الأوامر و التعاليم الإلهية،فإنّما هو لأجل أن الصلاة الواقعية تقوّيعلاقة الإنسان باللّه الذي يراه حاضرا وناظرا لجميع أعماله و برامجه، و مراقبالجميع أفعاله و أقواله، و هذا هو الذي عبرعنه في آيات أخرى بتأثير الصلاة في الدعوةإلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.و ارتباط هذا الموضوع بإصلاح المجتمعالإنساني أوضح من أن يحتاج إلى بيان.