سبقوكم، و ذوقوا نفس مصيرهم النّار قالَادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْقَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِفِي النَّارِ.إنّ هذا الأمر يمكن أن يكون بشكل أمرتكويني، يعني أن يجعلهم جميعا في مكانواحد، أو يكون شبيها بأمر تشريعي يصدرإليهم يسمعونه بآذانهم، و يكونون مجبورينعلى إطاعته.و عند ما يدخل الجميع في النّار تبدأمصادماتهم مع زملائهم و أشباههم فيالمسلك، و هي مصادمات عجيبة، فكلّما دخلتجماعة منهم في النّار لعنت الأخرى واعتبرتها سببا لشقائها و مسئولة عن بلائهاو محنتها كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌلَعَنَتْ أُخْتَها. «1»و لعلنا قلنا مرارا: إنّ ساحة القيامة و مايجري فيها انعكاس واسع و كبير لمجريات هذهالدنيا. فلطالما رأينا في هذا العالمالجماعات و الفرق و الأحزاب المنحرفة تلعنإحداها الأخرى، و تبدي تنفرها منها. علىالعكس من أنبياء اللّه، و المؤمنينالصالحين، و المصلحين الخيّرين، فإنّ كلواحد منهم يؤيّد برنامج الآخر، و يعلن عنارتباطه به و اتحاده معه في الأهداف والغايات.إلّا أنّ الأمر لا ينتهي إلى هذا الحدّ،بل عند ما يستقر الجميع- بمنتهى الذلّة والصغار- في الجحيم و العذاب الأليم، تبدأكل واحدة منها برفع شكايتها إلى اللّه منالأخرى.ففي البداية يبدأ المخدوعون المغرّر بهمبعرض شكايتهم، و حيث أنّهم لا يجدون مناصاممّا هم فيه يقولون: ربّنا إنّ هؤلاءالمغوين هم الذين أضلونا و خدعونا، فضاعفيا ربّ عذابهم، عذابا لضلالهم و عذابالإضلالهم إيّانا. و هذا هو ما يتضمّنه قولهتعالى:(1) التعبير بالأخت كناية عن الارتباطالفكري و الصلة الروحية بين هذه الفرقالمنحرفة، و حيث أن الأمة مؤنث لفظي، لهذاعبر عنها بالأخت، لا الأخ.