بقوة اللّه و في سبيل اللّه. و ثانيا قدحصلت في ساحة بدر معاجز كثيرة أشرنا إليهاسابقا، و قد بعثت في نفوس المجاهدينالقوّة، و انهارت بها قوى المشركين ومعنوياتهم، و كان كل ذلك بألطاف اللّهسبحانه.و في الحقيقة فإنّ الآية محل البحث تشيرإلى لطيفة في مذهب«لا جبر و لا تفويض بل أمر بين أمرين»لأنّها في الوقت الذي تخبر عن قتلالمسلمين للكافرين، و تقول إنّ النّبي رمىالتراب بوجوه المشركين تسلب منهم كل هذهالأمور (فتأمل بدقّة).و لا شك في عدم وجود تناقض في مثل هذهالعبارة، بل الهدف هو القول بأنّ هذاالفعل كان منكم و من اللّه أيضا، لأنّه كانبإرادتكم و اللّه منحكم القوة و المدد.و بناء على ذلك فإنّ الذين اعتقدوا بمذهبالجبر مستدلين بهذه الآية فإنّ الردّعليهم موجود في الآية ذاتها.و الذين قالوا بوحدة الوجود مستدلين بهذهالآية فإنّ الردّ عليهم موجود في الآيةبأسلوب لطيف، لأنّه إذا كان المراد بأنّالخالق و المخلوق واحد، فلا ينبغي أن ينسبالفعل إليهم تارة و ينفي عنهم تارة أخرى،لأنّ النسبة و نفيها دليل على التعدد، وإذا تجردت الأفكار عن الحكم المسبق والتعصب المقيت لرأينا أن الآية لا ترتبطبأىّ من المذاهب الضّالة، بل هي تشير إلىالمذهب الوسط «أمر بين أمرين» فحسب.و هذه الإشارة لأجل هدف تربوي، و هو إزالةالغرور و آثاره، إذ يقع ذلك عادة فيالأفراد بعد الانتصارات.و تشير الآية في ختامها إلى لطيفة مهمّةأخرى، و هي أنّ ساحة بدر كانت ساحة امتحانو اختبار، إذ تقول: وَ لِيُبْلِيَالْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً.و البلاء معناه الاختبار في الأصل، غايةما في الأمر تارة يكون بالنعم فيسمى بلاءحسنا، و تارة بالمصائب و العقاب فيسمّىبلاء سيئا، كما تشير إلى