العمى و سوء المعرفة، لذلك نرى في العالمالصناعي اليوم مجتمعات متقدمة جدّا فيالعلم و الصناعة، و لكنّها في حياتهااليومية مصابة بأمراض و مشاكل شديدة تبعثعلى الاستغراب و التعجب، و هنا تتجلى عظمةما قاله القرآن الكريم.و نظرا إلى أنّ التقوى لا تنحصر بالتقوىفي العمل، بل تشمل التقوى في الفكر والعقل، فإنّ هذه الحقيقة تتّضح بصورةأجلى. فالتقوى في الفكر تعني مواجهةالتسيّب و عدم الانضباط في التفكير، بمعنىأن نبحث في دراساتنا و تحقيقاتنا عن أصحالأدلة و أوثق البراهين، و أن لا نلتزمبعقيدة دون التحقيق الكافي و الدقةاللازمة.و الذين يراعون التقوى و يلتزمونها فيتفكيرهم سيبلغون النتائج الصحيحة أسرعبكثير ممن لا يلتزم بها، كما أنّ الخلط والخطأ يكثر عند من لا يتقي اللّه فياستدلالاته و أسلوب تفكيره.و هناك أمر آخر يجب الانتباه إليه، لأنّالكثير من مفاهيمنا الإسلامية قد تعرضتللتشويه بين المسلمين، و هو أنّ الكثير منالناس يتصور أنّ الإنسان المتقي هو الذييكثر من غسل بدنه و لباسه و يعتبر كل فرد وكل شيء نجسا و مشكوكا فيه، و ينزوي جانبامتجنبا الخوض في الأمور الاجتماعية، ويسكت أمام كل واقعة، فهذه النظراتالمغلوطة عن التقوى و المتقين في الحقيقةإحدى عوامل انحطاط المجتمعات الإسلامية،لأنّ هذه التقوى لا تنتج معرفة و لا وضوحرؤية و لا تكون فرقانا بين الحق و الباطل.و على كل حال، و بعد أن اتّضح أوّل ثوابللمتقين نعود لتفسير بقية الآية و سائرالثمار الأربعة لها.يقول القرآن الكريم: إنّه إضافة إلى معرفةالحق من الباطل فإنّ من آثار التقوى أنيغطي على ذنوبكم و يمحوا آثارها من وجودكموَ يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ.