تقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْأَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ.كل هذا مقطوع به من حيث التاريخ، إلّاأنّه- كما قلنا من قبل- فإن جملة وَ أُولُواالْأَرْحامِ الواردة في الآيات محل البحثلا تختص بمسألة الإرث، بل هي ذات معنىواسع، و الإرث جزء منه.
4- ما المراد من الفتنة و الفساد الكبير
احتمل المفسّرون في تفسير هاتين الكلمتينالواردتين في الآيات محل البحث احتمالاتكثيرة، إلّا أنّ ما ينسجم أكثر مع مفهومهذه الآية هو أنّ المراد من «الفتنة» هوالاختلاف و التفرق و تزلزل مباني العقيدةالإسلامية على أثر وسوسة الأعداء، و«الفساد» يشمل كل إخلال و تخريب للنظمالاجتماعية المختلفة و خاصّة سفك الدماءالبريئة و الإرهاب و أمثال ذلك.و في الحقيقة فإنّ القرآن المجيد ينذرالمسلمين إذا لم يحكموا علائق الأخوة والتعاون فيها بينهم، و لم يقطعوا ارتباطهمبالعدوّ، فإنّ جماعتهم تزداد تشتتا يومابعد يوم، و بنفوذ الأعداء داخل المجتمعالإسلامي و وساوس إغواءاتهم تزلزل أسسالإيمان و قواعده، و يبتلى المسلمون عنهذا الطريق بفتنة عظيمة.و كذلك إذا لم تكن علائق اجتماعية قوية،فإنّ العدو سرعان ما ينفذ إلى المجتمع وتحدث أنواع المفاسد من إرهاب و سفكالدماء، و تضيع الأموال و إغواء الأولاد،و يبدو الضعف و النقص واضحا في المجتمع، ويعم الفساد الكبير كل مكان.ربّنا، أيقظ مجتمعنا الإسلامي بلطفك. ونبّهنا إلى أخطار التعاون مع الأعداء وتكوين العلاقة و إياهم. و نزّه مجتمعنا منالفتنة و الفساد الكبير بنور المعرفة ووحدة الكلمة، برحمتك يا أرحم الراحمين.