3- الإيمان و السكينة
السكينة في الأصل مأخوذة من السكون، وتعني نوعا من الهدوء أو الاطمئنان الذييبعد كل نوع من أنواع الشك و الخوف و القلقو الاستيحاش عن الإنسان، و يجعله راسخالقدم بوجه الحوادث الصعبة و الملتوية. والسكينة لها علاقة قربى بالإيمان، أي أنّالسكينة وليدة الإيمان، فالمؤمنون حينيتذكرون قدرة اللّه التي لا غاية لها، ويتصورون لطفه و رحمته يملأ قلوبهم موجالأمل و يغمرهم الرجاء.و ما نراه من تفسير السكينة بالإيمان فيبعض الرّوايات «1»، أو بنسيم الجنّةمتمثلا في صورة إنسان «2» كل ذلك ناظر إلىهذا المعنى.و نقرأ في القرآن في الآية (4) من سورةالفتح قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَالسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِالْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناًمَعَ إِيمانِهِمْ.و على كل حال فهذه الحالة نفسية خارقةللعادة، و موهبة إلهية بحيث يستطيعالإنسان أن يهضم الحوادث الصعبة، و أن يحسفي نفسه عالما من الدعة و الاطمئنان برغمكلّ ما يراه.و ممّا يسترعي النظر أن القرآن- في الآياتمحل البحث- لا يقول: ثمّ أنزل اللّه سكينتهعلى رسوله و عليكم، مع أنّ جميع الجمل فيالآية تحتوي على ضمير الخطاب (كم)، بل تقولالآية عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَىالْمُؤْمِنِينَ و هي إشارة إلى أنالمنافقين و أهل الدنيا و الذين كانوا معالنّبي في المعركة لم ينالوا سهما منالسكينة و الاطمئنان، بل كانت السكينة مننصيب المؤمنين فحسب.و نقرأ في بعض الرّوايات أن نسيم الجنّةهذا كان مع أنبياء اللّه و رسله «3»،(1) تفسير البرهان، ج 2، ص 114.(2) تفسير نور الثقلين، ج 2، ص 201.(3) تفسير البرهان، ج 2، ص 112.