سنه 316
و اجرى الأمور احسن مجاريها، و امر الايطالب احد بمصادره و لا غرم، و لا يعرضلصنائع احد، حتى اقر احمد بن جانى على ماكان يتقلده من ديوان اقطاع الوزراء، واجلس ابراهيم بن أيوب النصراني كاتب علىبن عيسى بين يديه على رسمه، و اقره علىديوان الجهبذه، و ضمن امر الرجالهالمصافيه الملازمين لدار الخليفة، و قدبلغت نوبتهم عشرين و مائه الف دينار في كلهلال فاستبشر الناس به، و سكنوا اليه، وأمنوا و انفسحت آمالهم، و اتسعت هممهم، وتباشروا بأيامه ثم خلع في غره جمادىالاولى على ابى القاسم و ابى الحسين و ابىالحسن بنى ابى على محمد بن على الوزيرلتقلد الدواوين، ثم خلع على محمد بن علىبعد ذلك لتكنيه امير المؤمنين اياه.
قال الصولي: و لا اعلم انه ولى الوزارة احدبعد عبيد الله بن يحيى بن خاقان مدح منالاشعار باكثر مما مدح به محمد بن على قبلالوزارة، و في الوزارة، و بعد ذلك لشهرتهفي الشعر، و علمه به و اثابته عليه و ظهر منذكاء ابنه ابى الحسين و استقلالهبالأعمال، و تصرفه في الآداب و حسن بلاغتهو خطه ما تواصفه الناس، و كان اكثر ذلك فيوزارته الثانيه، حين انفجر عليه الشباب، وزالت الطفوله عنه قال: و ما رأينا وزيرا مذتوفى القاسم بن عبيد الله احسن حركه و لااظرف اشاره و لا اصلح خطا، و لا اكثر حفظا،و لا اسلط قلما، و لا اقصد بلاغه، و لا آخذبقلوب الخلفاء من محمد بن على و له بعد هذاكله علم بالاعراب و حفظ باللغة و شعر مليحو توقيعات حسان و ولى الوزير ابنه أباالقاسم ديوان زمام القواد مكان عبيد اللهبن محمد، و قلد ابنه أبا عيسى ديوان الضياعالمقبوضة عن أم موسى و الموروثه عن الخدم،و اقر إسحاق بن اسماعيل على ما كان ضامناله من اعمال واسط، و غير ذلك.
و في هذه السنه رجع القرمطى الى الكوفه،فخرج اليه نصر الحاجب محتسبا و انفق منماله مائه الف دينار الى ما اعطاهالسلطان، و اعانه به و اجتهد في لقاءالقرمطى و نصحه الجيش الذين كانوا معه، وحسنت نياتهم في محاربه القرمطى.
فاعتل نصر في الطريق، و مات في شهر رمضان،فحمل الى بغداد في تابوت و ولى الحجابهمكانه ابو الفوارس ياقوت مولى المعتضد، وهو إذ ذاك امير فارس، فاستخلف له ابنه ابوالفتوح الى ان يوافى ياقوت.