سنه 312
اكلهم الاعراب، و سلبوا ما بقي معهم مماكان تخباه الناس من أموالهم، و مات اكثرالناس عطشا و جوعا.
و لما صح عند المقتدر ما نال الناس و نالهفي رجاله و ماله عظم ذلك عنده و عند الخاصةو العامه، و جل الاغتمام به على كل طبقه، وتقدم الخليفة الى ابن الفرات في الكتابالى مؤنس الخادم بان يقدم من الرقة ليخرجالى القرمطى و كتب اليه نصر الحاجببالاستعجال و البدار، فسلك الفرات فيخاصته و اسرع في مسيره، و وصل الى بغداد فيغره شهر ربيع الاول.
ذكر التقبض على ابن الفرات و ابنه وقتلهما
و في يوم الثلاثاء لتسع خلون من شهر ربيعالآخر، قبض على على بن محمد ابن الفراتالوزير، و اختفى المحسن ابنه، فاشتدالسلطان في طلبته، و عزم على تفتيش منازلبغداد كلها بسببه، و امر بالنداء بهدر دممن وجد عنده و أخذ ماله، و هدم داره، و تشددعلى الناس في ذلك التشدد الذى لم يسمعبمثله، فجاء من اعطى نصرا الحاجب خبره، ودله على موضعه، فوجه بالليل من كبسه واخذه، و قد تشبه بالنساء و حلق لحيته، وتقنع، فاتى به على هيئته و في زيه لم تغيرله حال، و ضرب في الليل بالدبادب ليعلمالناس انه قد أخذ، و غدت العامه الى دارالخليفة ليروه، و تكاثر الناس، و ازدحمواللنظر اليه، و هو في ذلك الزي الذى وجدعليه ثم احضر ابو القاسم عبد الله بن محمدبن عبيد الله الخاقانى فاستوزر، و اقعد، وخلع عليه للوزارة، فاستوزر منه رجل قدتكهل و فهم و جرب، و فارق ما كان عليه فيايام ابيه من الحداثة، و غلب عليه الوقار والسكينة.
و كان مؤنس الخادم هو الذى اشار به، و زينامره و حض المقتدر على استيزاره، فأول ماقعد نصب لمناظرة ابن الفرات و ولده، ومحاسبتهما رجلا يعرف بابن نقد الشر، فتشددعليهما في الأموال فلم يذعنا الى شيء، إذعلما انهما تالفان، و كان في