سنه 318
و جاء محمد بن ياقوت، و الوزير الفضل بنجعفر الى المقتدر و معهما ابن رائق و مفلح،و قالوا: ان الرجال لا تقاتل الا بالمال، وسألوه في مائتي الف دينار من جهته و جهةوالدته، فقال: ليس الى ذلك وجه، و تقدمبإصلاح الشذاءات و الطيارات لينحدر هو وحرمه الى واسط، فقال له محمد بن ياقوت: اتقالله يا امير المؤمنين و لا تسلم بغدادبغير حرب، و ان رجال مؤنس ان رأوك أحجمواعن القتال، فقال له: أنت و الله رسول ابليس.
و ركب المقتدر، و معه هارون بن غريب، ومحمد بن ياقوت، و سائر القواد، و عليهالبرده و بيده القضيب، و بين يديه ابنهالأمير ابو على، و الانصار حافون به، معهمالمصاحف منشوره، و القراء يقرءون القرآن،و كثر الدعاء له، و اصعد الى الشماسيه، ووقف على موضع عال.
و اشتبكت الحرب، و مؤنس بالراشديه لميحضرها، و ثبت هارون و محمد، و صار ابوالعلاء سعيد بن حمدان برسالتهما الىالمقتدر يسألانه الحضور، ليشاهده اصحابمؤنس فيستامنوا فلم يجبه.
و تتابعت رسلهما، حتى كان آخرهم محمد بناحمد القراريطى، كاتب هارون، و هو لايجيبهم، و وقف على ظهر دابته، و وراءهالوزير ابو الفتح و مفلح و خواص غلمانه،فلما ألحوا عليه و قالوا: ان الغلمانيؤثرون رؤية امير المؤمنين.
فمضى حينئذ كارها المضى، و معه مفلح، وتخلف عنه الوزير، فلما قارب دجلة، انهزماصحابه قبل وصولهم، و استأسر احمد بنكيغلغ و جماعه القواد، و آخر من ثبت محمدبن ياقوت.
و لقى المقتدر على بن بليق، فترجل له و قبلالارض بين يديه، و وافى البربر من اصحابمؤنس، فأحاطوا بالمقتدر، و ضربه رجل منهمضربه فسقط منها، فقال:
ويحكم! انى الخليفة! فقالوا: فلك نطلب، واضجعوه و ذبحه احدهم بالسيف، و طرح احداصحابه نفسه عليه فذبح أيضا، و رفع راسهعلى خشبة، و سلب ثيابه،