لما وصلت أوامر هارون لعيسى لتنفيذ الاغتيال، ثقل عليه الأمر وفكر ملياً بالمصير، جمع أصحابه وخواصه وعرض عليهم الأمر فأشاروا عليه بالتحذير من ارتكاب مثل هذه الجريمة التي تغضب الله ورسوله، فاستصوب رأيهم وكتب إلى هارون رسالة يطلب فيها إعفاءه عن ذلك.جاء في الرسالة:(يا أمير المؤمنين، كتبت إلي في هذا الرجل، وقد اختبرته طول مقامه بمن حبسته معه عيناً عليه، لينظروا حيلته، وأمره وطويته ممن له المعرفة والدراية، ويجري من الإنسان مجرى الدم، فلم يكن منه سوء قط، ولم يذكر أمير المؤمنين إلا بخير، ولم يكن عنده تطلع إلى ولاية، ولا خروج ولا شيء من أمر الدنيا، ولا دعا قط على أمير المؤمنين، ولا على أحد من الناس، ولا يدعو إلا بالمغفرة والرحمة له ولجميع المسلمين مع ملازمته للصيام والصلاة والعبادة، فإن رأي أمير المؤمنين أن يعفيني من أمره، أو ينفذ من يتسلمه مني وإلا سرحت سبيله، فإني منه في غاية الحرج)510.تدل هذه الرسالة بوضوح على إكبار عيسى وتقديره للإمام (عليه السلام)، فقد راقبه ووضع العيون عليه فلم يره إلا مشغولاً بذكر الله وطاعته، ولم يتعرض بذكر أحد بسوء حتى الظالمين له، لذا خاف عيسى وراقب الله.بقي في سجن عيسى سنة كاملة.