مكارم الأخلاق - باب الحوائج الإمام موسی الکاظم (علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

باب الحوائج الإمام موسی الکاظم (علیه السلام) - نسخه متنی

حسین إبراهیم الحاج حسن

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مكارم الأخلاق

سأل رجل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن حسن الخلق، فتلا قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)281 ثم قال (صلّى الله عليه وآله): (وهو أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك).

وقال (صلّى الله عليه وآله): إن الخلق الحسن ليميت الخطيئة كما تميث الشمس الجليد)282.

وجاء في الكافي عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (ما يتقدم المؤمن على الله عزّ وجلّ بعمل بعد الفرائض أحب إلى الله تعالى من أن يسع الناس خلقه).

والإمام الكاظم (عليه السلام) عني بهذه الظاهرة فكان دوماً يوصي أصحابه بالتحلي بالصفات الكريمة ليكونوا بسلوكهم وهديهم قدوة صالحة لهم وللمجتمع، حتى يستطيعوا على نشر مفاهيم الخير والصلاح بين الناس.

وفي معنى الخلق وكيفيته وتهذيبه: قال العلماء: ليس الخلق عبارة عن الفعل، فرب شخص خلقه السخاء، ولا يبذل إما لفقد المال أو لمانع آخر. وربما يكون خلقه البخل وهو يبذل لباعث أو رياء. ولا عبارة عن القدرة لأن نسبة القدرة إلى الضدين واحدة. ولا عن المعرفة فإن المعرفة تتعلق بالجميل والقبيح جميعاً على وجه واحد بل هو عبارة عن هيئة النفس وصورتها الباطنة.

وكما أن حسن الصورة الظاهرة مطلقاً لا يتم بحسن العينين دون الأنف والفم والخد بل لابدّ من حسن الجميع ليتم حسن الظاهر، فكذلك لابدّ من الباطن من أربعة لابدّ من الحسن في جميعها حتى يتم حسن الخلق فإذا استوت الأركان الأربعة واعتدلت وتناسبت حصل حسن الخلق وهي: قوة العلم، وقوة الغضب، وقوة الشهوة، وقوة العدل بين هذه القوى الثلاث:

1ـ قوة العلم: فحسنها وصلاحها من أن تصبر بحيث يسهل لها درك الفرق بين الصدق والكذب في الأقوال، وبين الحق والباطل في الاعتقادات، وبين الجميل والقبيح في الأفعال، فإذا تحصلت هذه القوى حصل منها ثمرة الحكمة التي هي رأس الأخلاق الحسنة (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً)283.

2ـ قوة الغضب: وأما قوة الغضب والشهوة فحسنهما في أن يقتصر انقباضهما وانبساطهما على حدما تقتضيه الحكمة والدين.

3ـ قوة العدل: وأما قوة العدل فهي ضبط قوة الغضب والشهوة تحت إشارة العقل والشرع، فالعقل منزلته منزلة الناصح والمشير، وقوته القدرة ومنزلتها منزلة المنفذ الممضي لإشارته، والغضب والشهوة تنفذ فيهما الإشارة.

ومثال الغضب مثال كلب الصيد، فإنه يحتاج إلى أن يؤدّب حتى يكون استرساله وتوقفه بحسب الإشارة لا بحسب هيجان النفس. ومثال الشهوة مثال الفرس الذي يركب في طلب الصيد، فإنّها تارة تكون مروضاً مؤدباً، وتارة تكون جموحاً، فمن استولت فيه هذه الصفات واعتدلت فهو حسن الخلق مطلقاً، ومن اعتدل فيه بعضها دون بعض فهو حسن الخلق بالإضافة إلى ذلك المعنى خاصة، كالذي يحسن بعض أجزاء وجهه دون البعض.

وحسن قوة الغضب واعتدالها يعبر عنه بالشجاعة، وحسن قوة الشهوة واعتدالها يعبر عنه بالعفّة، فإن مالت قوة الغضب عن الاعتدال سمّي ذلك تهوراً، وإن مالت إلى الضعف والنقصان سمّي ذلك جبناً وإن مالت قوة الشهوة إلى طرف الزيادة سمي شرهاً وإن مالت إلى النقصان سمي خموداً. والمحمود هو الوسط، وهو العدل والفضيلة، والطرفان رذيلتان مذمومتان والعدل إذاً فات فليس له طرفان بزيادة ونقصان، بل له ضد واحد وهو الجور.

وأما الحكمة فيسمى إفراطها عند الاستعمال في الأغراض الفاسدة خباً، ويسمي تفريطها بلهاً، والوسط هو الذي يختص باسم الحكمة والخلاصة أن أمهات الأخلاق الحسنة والجميلة وأصولها أربعة: الحكمة والشجاعة والعفة والعدل.

لم يبلغ كمال الاعتدال من البشر في هذه الأصول الأربعة إلا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولهذا أثنى الله عليه قائلاً: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)284.

والناس بعدة يتفاوتون في القرب والبعد فينبغي أن يقتدي به. وقد أشار سبحانه وتعالى إلى هذه الأخلاق في أوصاف المؤمنين:

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)285.

فالايمان بالله ورسوله من غير ارتياب هو قوة اليقين، وهو ثمرة العقل، ومنتهى الحكمة.

والمجاهدة بالمال هو السخاء الذي يرجع إلى ضبط قوة الشهوة؛ والمجاهدة بالنفس هي الشجاعة التي ترجع إلى استعمال قوة الغضب على شرط العقل وحد الاعتدال. وقد وصف الله عزّ وجلّ به قوماً فقال: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)286.

وهذه إشارة إلى أن للشدة موضعاً وللرحمة موضعاً، وليس الكمال بالشدة في كل حال، ولا في الرحمة بكل حال.

وما نراه اليوم يتمثل عملياً على ارض لبنان في الجنوب الحبيب والبقاع الغربي الحبيب على يد أبطال المقاومة المسلمة الذين استعملوا الشدة في موضعها فجاهدوا بأنفسهم بكل شجاعة محكمين غضبهم على شرط العقل، ومقاومين عناقيد الغضب بدمائهم الزكية الطاهرة فإيمانهم في غير ارتياب لقوة يقينهم وهم بالنتيجة الصادقون الصابرون.

فماذا إذن عن الصبر؟

/ 169