باب الحوائج الإمام موسی الکاظم (علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

باب الحوائج الإمام موسی الکاظم (علیه السلام) - نسخه متنی

حسین إبراهیم الحاج حسن

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ولما كان مسجوناً (عليه السلام) في بيت السندي بن شاهك وكل أوقاته عبادة وسجود، كانت عائلة السندي تطل عليه فترى هذه السيرة الزكيّة التي تحاكي سيرة الأنبياء، ممّا دفع شقيقة السندي إلى اعتناق فكرة الإمامة، وحفيد السندي من أعلام الشيعة في عصره إنها سيرة نبوية عريقة تملك القلوب والمشاعر، مترعة بجميع معاني النبل والزهد والسمو والإقبال على الله تعالى.

وهناك صفة أخرى من صفات شخصيته الكريمة، وهي الصمود في وجه الظلم والطغيان، وانطلاقه في ميادين الجهاد المقدّس؛ فقد حمل لواء المعارضة على حكام عصره الطغاة الذين استباحوا جميع حرمات الله، واستبدوا بأرزاق الأمة وحقوقها الشرعية، واستهابوا بكرامة الإسلام، فنبوا حكمهم على الظلم والجور والاستبداد وإرغام الناس على ما يكرهون.. ومن ثم كانت محنة أهل البيت (عليهم السلام) الشاقة جداً فإنّهم بحكم موقعهم ودورهم القيادي الشرعي للأمة مسؤولون عن رعايتها وصيانتها وإنقاذها ممّا ألم بها من المحن الثقيلة، والخطوب الجسام، فأعلنوا معارضتهم الإيجابية تارة، والسلبية أخرى السياسية ملوك عصرهم، فذاقوا من جراء ذلك جميع ألوان الظلم والقهر والاضطهاد، حتى انتهت حياتهم الكريمة ما بين مسموم ومسجون ومقتول، كل ذلك من أجل مصلحة المسلمين وإصلاح أمة جدهم الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، والانطلاق بالحكام إلى سياسة العدل الخالص، وتطبيق أحكام القرآن الكريم على واقع الحياة.

وقد تجلّى ذلك الصمود الفذ عند الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) بإصراره البالغ على شجب سياسة هارون الرشيد، وعدم الاعتراف بشرعية خلافته، فأصرّ على هذا الموقف الشريف حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في السجون، فلم يصانع، ولم يدار أحداً منهم، ولو سايرهم لأغدقوا عليه الأموال الطائلة ليسكتوا صوت الحق في صدره؛ لكنه آثر رضى الله وطاعته على كل شيء، وأبى إلا أن يساير موكب الحق، ولا يشذ عما جاء به الإسلام من مقارعة الظلم، ومقاومة أئمة الجور والطغيان مهما كلّف الثمن.

وقد حاول يحيى البرمكي (رئيس حكومة هارون) أن يتوسّط في أمر إطلاق سراح الإمام من السجن، شرط أن يعتذر لهارون ويطلب منه العفو حتّى يخلّي سبيله، فأصرّ الإمام (عليه السلام) على الامتناع وعدم الاستجابة له.

هذا ما تميز به موقف الإمام (عليه السلام) بالشدّة والصمود مع هارون وغيره من ملوك عصره، وهو موقف أبيه وجده من قبله الأئمة المعصومين الذين عبّر عن موقفهم سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) فقال:

(إني لم أخرج أشراً ولا بطراً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي).

وهناك ظاهرة أخرى من ظواهر شخصيته الكريمة، وهي السخاء فقد اتفق المؤرخون أنه كان أندى الناس كفّاً، يشعر مع المحتاجين، ويعطي المعوزين، ويصل المحرومين في غلس الليل البهيم، حتى لا يعرفه أحد، ويكون عطاؤه في سبيل الله، وكانت تضرب بصرره المثل.

فكان الناس يقولون: (عجباً لمن جاءته صرار موسى وهو يشتكي الفقر) أنفق جميع ما يملكه على الضعفاء والمنكوبين، وأنقذ الكثيرين منهم من مرارة الفقر والحرمان.

والإمام الكاظم (عليه السلام) دائرة معارف كاملة، فقد أجمع الرواة انه كان يملك طاقات هائلة من العلم، ومخزوناً فكرياً غنياً جداً بمختلف المعارف. يقصده العلماء والرواة من كل حدب وصوب لينهلوا من نمير علمه، وكان لا يفتي بحادثة إلا بادروا إلى تسجيلها وتدوينها، فرووا عنه مختلف العلوم والأبحاث، وبصورة خاصة فيما يتعلّق بالتشريع الإسلامي.

(فقد زوّدهم بطاقات ندية منه، ويعتبر في هذا المجال أوّل من فتق باب الحلال والحرام من أئمة أهل البيت (عليهم السلام))14.

وما يجدر ذكره ما قام به الإمام الكاظم (عليه السلام) بعد أبيه الإمام الصادق (عليه السلام) من إدارة شؤون جامعته العلمية التي تعتبر أول مؤسسة ثقافية في الإسلام، وأوّل معهد تخرجت منه كوكبة من كبار العلماء، في طليعتهم أئمة المذاهب الإسلامية. فالإمام الشافعي يعتقد أن حبهم وسلوك منهجهم العدل.. وهم حبل الله المتين الذي ينير الطريق للمتمسك بهم إلى رضوان الله عز وجل وهو يرجو أن يظفره حبهم فقال:




  • آل النبي ذريعتي
    أرجو بهم أعطى غداً
    بيدي اليمين صحيفتي



  • وهم إليه وسيلتي
    بيدي اليمين صحيفتي
    بيدي اليمين صحيفتي



والإمام احمد بن حنبل سأله عبد الله ابنه عن التفضيل بين الخلفاء الراشدين فقال: أبو بكر، وعمر، وعثمان، ثم سكت. فسأله عبد الله: يا أبت!! أين علي بن أبي طالب؟ قال: (هو من أهل البيت لا يقاس به هؤلاء)15.

أما عن فلسفة الحكم عند الأمويين وعند العباسيين فكانت تهدف إلى الأثرة والاستغلال وإشباع الرغبات في الجاه والسلطان، ولم يؤثر عنهم أنهم قاموا بعمل إيجابي في صالح المجتمع الإسلامي، أو ساهموا في بناء الحركة الفكرية والاجتماعية على ضوء ما يهدف إليه الإسلام في بعث التطور الثقافي والإداري والاقتصادي لجميع شعوب الأرض. ففي هذا الجو السياسي والاجتماعي الصعب تميز موقف الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) بالشدة والصرامة في شجب الظلم، وقول كلمة الحق، فكان من الأئمة اللامعين في علمه وعمله على نشر الثقافة الإسلامية، وإبراز الواقع على حقيقته.

يضاف إلى قدراته الفذة التي لا تحصى: حلمه وعلمه وكظمه الغيظ وقد أجمع المؤرخون أنه كان يقابل الإساءة بالإحسان، والذنب بالعفو، شأنه شأن جدّه الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وقد قابل جميع ما لاقاه من أذى وظلم من الحاقدين عليه بالصبر والصفح الجميل حتى لقب بالكاظم، وكان ذلك من أشهر ألقابه.

وهكذا إذا استعرضنا مقوّمات الإمام (عليه السلام) الفذة وكل ما أثر عنه في ميادين السلوك والأخلاق، فإنا نجده حافلاً بكل معاني الإنسانية، ومقوّمات بناء الأمة الإسلامية، التي عسى أن ألم ببعض جوانبها المشرقة والخيرة والمعطاء.

/ 169