تدرّج الإمام موسى بن جعفر في طفولة زاكية مميزة، فتربّى في حجر الإسلام، ورضع من ثدي الإيمان، وتغذى من عطف أبيه الإمام الصادق، حيث أغدق عليه أشعة من روحه الطاهرة وأرشده إلى عادات الأئمة الشريفة وسلوكهم النيّر، فالتقت في سنّه المبكر جميع عناصر التربية الإسلامية السليمة، حتى أحرز في صغره جميع أنواع التهذيب والكمال والأخلاق الحميدة، ومن شبّ على شيء شاب عليه. هذه الطفولة المميزة استقبلها الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) وهو ناعم البال بحفاوة وتكريم خاص؛ فأبوه أغدق عليه عطفاً مستفيضاً، وحمل له من الحب ما لا يحمله لغيره، حيث قدّمه على بقية ولده، فاندفع قائلاً: (الحمد لله الذي جعلك خلفاً من الآباء، وسروراً من الأبناء، وعوضاً عن الأصدقاء)22 ونتيجة هذا الحب الأبوي المميز أخذت جماهير المسلمين تقابل الإمام موسى بالعناية والتكريم، وجماهير الشيعة بصورة خاصة، لأنّهم يعتقدون أن مقام الإمامة كمقام النبوة، بعيداً عن المحاباة، سوى ما يتصل بتأييد الفضيلة والإشادة بالإيمان، وعلى ضوء ذلك أعلن الإمام الصادق حبّه الكبير ومودته الوثيقة لولده الحبيب لأنه رأى فيه ملامح صادقة عنه، ومواهب مبكرة، وعبقرية خاصة، تؤهله لمنصب الإمامة على أمّة جدّه (صلّى الله عليه وآله).