سئل الإمام (عليه السلام) عن علم الله تعالى بسؤال جاء فيه: هل أن الله كان يعلم الأشياء، قبل أن خلق الأشياء وكوّنها، أو أنه لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها، فعلم ما خلق عندما خلق وما كوّن عندما كوّن؟ فأجاب (عليه السلام) موقعاً بخطه: (لم يزل الله عالماً بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعدما خلق الأشياء)256.وكتب إليه محمد بن حمزة رسالة يسأله فيها عن علم الله وهذا نصها:(إن مواليك اختلفوا في العلم، فقال بعضهم: لم يزل الله عالماً قبل فعل الأشياء، وقال بعضهم: لم يزل الله عالماً لأن معنى يعلم يفعل فإن أثبتنا العلم فقد أثبتنا في الأزل معه شيئاً، فإن رأيت جعلني الله فداك أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه).فكتب (عليه السلام) إليه: (لم يزل الله عالماً تبارك وتعالى ذكره)257.وكما نرى كان جوابه (عليه السلام) عن هذه المسألة مجملاً نظراً لقصر فهم السائل عن إدراك الجواب. لأن هذه المسألة من أشكل المسائل الفلسفية وقد وقع الاختلاف فيها بين أعاظم الفلاسفة القدامى.فالمشائيون تبعاً لمعلمهم أرسطوطاليس ذهبوا إلى أن علمه تعالى بالأشياء متقدم عليها. والإشراقيون تبعاً لمعلمهم أفلاطون ذهبوا إلى أن علم الله عزّ وجلّ بالأشياء مقارن لإيجاد الشيء. وقد استدل الفريقان بأدلة كثيرة فيها لون من الغموض والإبهام، لسنا الآن في صددها.وروى الصدوق عن الكاهلي قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) في دعاء: (الحمد لله منتهى علمه) فكتب إليّ: لا تقولن منتهى علمه، ولكن قل منتهى رضاه.258وعنه بإسناده عن الحسن بن يزيد بن عبد الأعلى، عن العبد الصالح موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: علم الله لا يوصف منه بأين، ولا يوصف العلم من الله بكيف، ولا يفرد العلم من الله ولا يبان الله منه، وليس بين الله وبين علمه حدّ.259