في حقيقة الصبر - باب الحوائج الإمام موسی الکاظم (علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

باب الحوائج الإمام موسی الکاظم (علیه السلام) - نسخه متنی

حسین إبراهیم الحاج حسن

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

في حقيقة الصبر

من المعلوم أن الحرب قائمة على قدم وساق بين باعث الدين وباعث الهوى ومكان المعركة بينهما قلب المؤمن. ولكن مدد باعث الدين من الملائكة الناصرين لحزب الله، ومدد باعث الهوى من الشياطين الناصرين لأعداء الله، فالصبر عند ذلك عبارة عن ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الهوى والشهوة.

والصبر ضربان: بدني ونفسي.

ـ بدني كتحمل المشاق في السفر أو الأعمال الشاقة من العبادات، أو المرض الشديد أو الجراحات والتعذيب.

ـ ونفسي: وهو الصبر على مشتهيات الطبع، ومقتضيات الهوى، فإن كان على احتمال مكروه اثر مصيبة اقتصر على اسم الصبر.

وإن كان عن شهوة البطن والفرج سمّي عفة، وإن كان في الحرب سمّي شجاعة، وإن كان في نائبة من نوائب الزمان الصعبة سمّي سعة الصدر. وإن كان في إخفاء كلام سمّي كتماناً وإن كان في فضول العيش سُمِّيَ زهداً، وإن كان في كظم الغيظ والغضب سمّي حلماً. والإمام الكاظم هو من أفضل الحالمين لكثرة صبره وكظم غيظه، ولهذا سمي بالكاظم.

والعبد في جميع الأحوال لا يستغني عن الصبر في حياته الخاصة والعامة، لأن ما يلقاه في الدنيا إما أن يوافق هواه، وإما يكرهه، وحاله غير خارج عن هذين الضربين وهو لا محالة محتاج إلى الصبر في كل منهما.

وهناك صبر لا يقع تحت الاختيار كالمصائب مثل الموت لبعض الأحباب وهلاك الأموال وزوال الصحة بالمرض وسائر أنواع البلاء.

وهذا النوع من الصبر مستند إلى اليقين. قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بما مضمونه:

(أسألك من اليقين ما يهون به علي مصائب الدنيا). وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): الصبر ثلاثة: صبر على المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية؛ فمن صبر على المصيبة حتى يردّها بحسن عزائها، كتب له ثلاثمائة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض، ومن صبر على الطاعة، كتب الله له ستمائة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، ومن صبر على المعصية كتب الله له تسعمائة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش.290

والإنسان قد يخرج عن مقام الصابرين بالجزع الزائد والمبالغة في الشكوى، وهذه بلا ريب داخلة تحت الاختبار، فينبغي أن يتجنب جميعها ويظهر الرضا بالقضاء.

ويروى أنه لمّا مات إبراهيم ولد النبي (صلّى الله عليه وآله) فاضت عيناه بالدموع فقيل له: أما نهيتنا عن هذا؟ قال (صلّى الله عليه وآله) بما مضمونه: (إن هذا رحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)، وقال (صلّى الله عليه وآله): (تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب).

وسئل الإمام الباقر (عليه السلام) عن الصبر الجميل؟ فقال: ذاك صبر ليس فيه شكوى وأما الشكاية إلى الله تعالى فلا بأس بها كما قال يعقوب: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ)291.

ولكن لكل داء دواء فهل للصبر من دواء أو علاج؟؟

نعتقد أن الذي أنزل الداء أنزل الدواء، ووعد بالشفاء، فالصبر وإن كان شاقاً يمكن تحصيله بتقوية باعث الدين وتضعيف باعث الهوى بالمجاهدة والرياضة الروحية. فمن يكثر فكره فيما ورد في فضل الصبر يعلم أن ثوابه على المصيبة أكثر ممّا فات وإنه بسبب ذلك مغبوط بالمصيبة إذ فاته ما لا يبقى معه إلا مدة الحياة الدنيا وحصل له ما يبقى بعد موته أبد الدهر.

وهذا ما يحصل كل يوم مع أهالي المجاهدين الأبطال في المقاومة حيث نجد العديد من الآباء والأمهات الذين فقدوا أبناءهم في هذه الدنيا فصبروا صبراً جميلاً مقوين باعث الدين ومضعّفغين باعث الهوى بالمجاهدة والرياضة، عاملين بقول الرسول الأكرم الذي قال (صلّى الله عليه وآله): (أسألك من اليقين ما يهون به علي مصائب الدنيا).

محاسبة النفس: الإمام الكاظم عالم نفسي

قال الله تعالى: (كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)292.

وقال تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)293.

فعلم أصحاب البصائر أن العليم بالسرائر والمطلع على الضمائر سيحاسبهم على كل صغير أو كبير أو جليل أو حقير، وعلى مثاقيل الذر من الخطرات واللحظات والغفلات، ولا ينجيهم من هذه الأخطار العظيمة والأهوال الجسيمة إلا محاسبة أنفسهم في الدنيا قبل أن يحاسبوا يوم القيامة.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئاً إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له رجاء إلا من عند الله، فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأله شيئاً إلا أعطاه، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإن للقيامة خمسين موقفاً كل موقف مقام ألف سنة، ثم تلا (عليه السلام): (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)294.

ومعنى المحاسبة هو أن يحاسب الإنسان نفسه أولاً بالفرائض التي هي بمنزلة راس ماله، فإن أدّاها على وجهها شكر الله على هذه النعمة، وإن فوّتها من أصلها طالبها بالقضاء. وكما أن التاجر يفتش في حساب الدنيا عن القيراط والحبة ليحفظ مداخل الزيادة والنقصان، فينبغي عليه أن يتقي غائلة النفس ومكرها لأنها خداعة، فليطالبها أولاً بتصحيح الجواب عن جميع ما يتكلم به طوال نهاره وليتكفل بنفسه من الحساب ما يستولي غيره في صعيد القيامة.

وهكذا عن نظره وسمعه ولسانه، بل عن خواطره وأفكاره وجميع جوارحه حتى عن سكونه وسكوته وأكله وشربه. فإذا عرف مجموع واجبات نفسه وصح عنده قدر ما أدى من الحق، كان ذلك القدر محسوباً له، فيثبته عليها ويكتبه على صحيفة قلبه.

قال الإمام الباقر (عليه السلام): لا يغرنك الناس من نفسك، فإن الأمر يصل إليك دونهم، ولا تقطع نهارك بكذا وكذا فإن معك من يحفظ عليك عملك فأحسن فإني لم أر شيئاً أحسن دركاً ولا أسرع طلباً من حسنة محدثة لذنب قديم.

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): إن رجلاً أتى النبي (صلّى الله عليه وآله) فقال له: يا رسول الله أوصني. فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله): فهل أنت مستوص إذا أنا أوصيتك؟ حتى قال له ذلك ثلاثاً, في كلها يقول له الرجل: نعم يا رسول الله. فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (فإني أوصيك إذا أنت هممت بأمر فتدبر عاقبته، فإن يك رشداً فامضه، وإن يك غيّاً فانته عنه.

والإمام الكاظم (عليه السلام) حثّ أصحابه على محاسبة أنفسهم والنظر في أعمالهم فإن كانت حسنة استزادوا منها، وإن كانت سيئة طلبوا من الله المغفرة والرضوان. قال (عليه السلام):

(ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل حسناً استزاد منه، وإن عمل سيئة استغفر الله منها وتاب إليه)295.

/ 169