بدأ المنصور يفتش على من بقي من العلويين فمن ظفر به جعله في الاسطوانات المجوفة المبنية من الجص والآجر، حتى ظفر بغلام من ولد الحسن وكان حسن الوجه فسلمه إلى البناء وأمره أن يجعله في جوف اسطوانة ويبني عليه، فدخلت البناء رقة على هذا الولد الوسيم فترك له في الاسطوانة منفذاً يدخل منها الهواء، وقال للغلام: لا بأس عليك فاصبر فإني سأخرجك من جوف هذه الاسطوانة عندما يرخى الليل سدوله.ولما جن الليل جاء البناء فأخرج العلوي المظلوم، وقال له: اتق الله في دمي ودم العملة الذين معي، وغيّب شخصك، فإني إنما أخرجتك في ظلمة هذه الليلة لأني خفت أن يكون جدك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم القيامة خصمي بين يدي الله، وأكد عليه بأن يواري نفسه فطلب منه الغلام أن يخبر أمه لتطيب نفسها، ويقل جزعها، فهرب الغلام ولا يدري بأي أرض أقام، وجاء البناء إلى دار أم الغلام ليعلمها بخلاص ابنها من قبضة ذلك الطاغية فسمع دوياً كدوي النحل قبل أن يدخل من البكاء فعرف أنها أمه فأسرها بخبر ولدها، وانصرف عنها.154