كان المهدي يكن في أعماق نفسه البغض للعلويين وشيعتهم، وقد ورث هذه البغضاء والكراهية عن أبيه المنصور، ويعود السبب في ذلك إلى الحق في تولي الحكم؛ فالثورة على الحكم الأموي قامت على أكتاف العلويين حماة العدل والحق في الإسلام؛ وكانت تحمل طابع التشيع وواقعه الذي اتخذه الثوار شعاراً لهم، فناضلوا من أجله وانضم العباسيون إلى الدعوة على هذا الأساس.روى الطبري قال: دخل المهدي على أبي عون عائداً له، وطلب منه المهدي أن يعرض عليه حوائجه ليقوم بقضائها لأنه كان من أعز أصحابه وآثارهم عنده. فقال له أبو عون:ـ حاجتي أن ترضى عن ولدي عبد الله، فقد طالت موجدتك عليه.فقال المهدي: ـ يا أبا عبد الله أنه على غير الطريق، وعلى خلاف رأينا ورأيك، إنه يسيء القول في الشيخين.فقال أبو عون: ـ هو والله يا أمير المؤمنين على الأمر الذي خرجنا عليه، ودعونا إليه، فإن كان قد بدا لكم فمرونا بما أحببتم حتى نطيعكم)162 فالثورة على الحكم الأموي كما يتضح إنما كانت شيعية بجميع أبعادها، فالمهدي متأكد من ذلك وعموم العباسيين يجزمون أن الثورة قامت من أجل التشيع.وشاهد آخر يدل أن الحق في تسلّم الحكم للعلويين وأن العباسيين اختلسوا الحكم من أجل أطماعهم وهو: أن القاسم بن مجاشع بعث بوصيته إلى المهدي ليشهد فيها يقول بالرسالة الوصيّة:(شهد الله أن لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم، إن الدين عند الله الإسلام يشهد بذلك،ويشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأن علي بن أبي طالب وصيّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ووارث الإمامة من بعده).فلما قرأ المهدي الفقرات الأخيرة من الوصية رماها من يده ولم ينظر في باقيها)163.لقد آمن بذلك خواص العباسيين لكن طمع العباسيين في تولي السلطة وانحرافهم من أجل أطماعهم أحدث في نفوس حكامهم الطامعين هذا البغض للعلويين.