التحقيق بالحادث
تحقيق وأي تحقيق: خداع وتضليل لتبرير ساحة الطاغية هارون! قامت شرطة الحاكم الظالم في التحقيق بهذا الأمر الخطير وغايتها تبرئة هارون من المسؤولية إمام جماهير الشيعة ومحبّي الإمام ومن المكلّف بالتحقيق؟ فاعل الجريمة نفسه! ما عاذ الله فالنتيجة مكتوبة قبل المباشرة بالتحقيق.كلف هارون السندي بالتحقيق وكما يقولون (حاميها حراميها).أرسل السندي إلى عمرو بن واقد وطلب إليه أن يجمع أشخاصاً يعرفون الإمام (عليه السلام)، ولما حضروا وعددهم يقارب الخمسين رجلاً سألهم: هل تعرفون موسى بن جعفر؟ قالوا: نعم. فقام عمرو وكشف الثوب عن وجه موسى، فالتفت السندي إلى الجماعة الشهود وقال لهم: انظروا إليه، فدنا واحد منهم بعد واحد فنظروا إليه، ثم قال لهم: (تشهدون كلكم أن به أثراً تنكرونه؟).فقالوا: لا، ثم سجل شهاداتهم وانصرفوا)574.ورواية أخرى تقول: إن السندي استدعى الفقهاء ووجوه أهل بغداد وفيهم الهيثم بن عدي وغيره فنظروا إلى الإمام وهو ميت وشهدوا على ذلك أن لا أثر به!هذه الإجراءات التي اتخذها السندي بن شاهك إنما جاءت لتبرير ساحة الحكومة من المسؤولية وإبعاد الأنظار عنها في ارتكاب الجريمة لكن الإمام (عليه السلام) قد أفسد عليهم صنعهم وتضليلهم وكشف للناس أن هارون هو الذي اغتاله بالسم.وأما ما اتخذه هارون المجرم لرفع الشبهات التي حامت حوله فإنه جمع شيوخ الطالبيين والعباسيين وسائر أهل ممكلته والحكام فقال لهم: (هذا موسى بن جعفر قد مات حتف أنفه وما كان بيني وبينه ما استغفر الله منه ـ يعني في قتله ـ فانظروا إليه) فدخل على الإمام سبعون رجلاً من شيعته، فنظروا إليه وليس به أثر جراحة ولا خنق.575 وقال أحد الشعراء:
ومهما يكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وإن خالها تخفى على الناس تعلم