مكث الإمام (عليه السلام) زمناً طويلاً في سجن هارون، فطلب منه جماعته من شيعته الخاصة أن يتصل مع بعض الشخصيات المقرّبة عند هارون ليتوسطوا في إطلاق سراحه، فترفّع وامتنع عن ذلك وقال لهم: (حدّثني أبي عن آبائه أن الله جل وعلا أوصى إلى داود أنه ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي دوني وعرفت ذلك منه إلا قطعت عنه أسباب السماء، وأسخت الأرض من تحته)544.تدل هذه البادرة من الإمام المعصوم (عليه السلام) على مدى إيمانه بالله سبحانه وتعالى، وانقطاعه إليه، ورضائه بقضائه، وترفّعه من سؤال أي أحد من المخلوقين. لقد تذكر (عليه السلام) قول جدّه الرسول الأكرم عندما قال(اللهم أكفنا ذل السؤال) وقوله (صلّى الله عليه وآله): (اليد العليا خير من اليد السفلى) وما حدث مع الإمام (عليه السلام) عكس ما طلب منه لقد أرسل كتاباً إلى هارون وهو في السجن يعبر فيه عن سخطه.