طلب الإمام (عليه السلام) من هارون أن يسمح له بالرحيل إلى يثرب، مدينة آبائه وجدّه (صلّى الله عليه وآله) لرؤية عياله وأطفاله، قيل أنه سمح له، وقيل أنه لم يجبه قائلاً له: أنظر في ذلك حتى حبسه في السجن عند السندي.522وأكبر الظن أن هارون فرض عليه الإقامة الجبرية في بغداد ولم يسمح له بالسفر إلى وطنه. فمكث (عليه السلام) في بغداد مدة من الزمن لم يحددها لنا قسم كبير من المؤرخين. خلال هذه المدة لم يتعرض له هارون بسوء. قال السيد مير علي الهندي قال: (وقد حدث مرتين أن سمح هارون لهذا الإمام الوديع بالرجوع إلى الحجاز ولكن شكوكه كانت في كلتا المرتين تتغلب على طيبة قلبه فيبقيه في الحبس)523.استمر الإمام في تلك الفترة من بذل الجهود لإرشاد الناس وهدايتهم إلى طريق الحق ومن الذين اهتدوا متأثرين بنصائحه بشر الحاني فقد تاب على يد الإمام (عليه السلام) حتى صار من عيون عباد الله الصالحين المتقين لكن التاريخ لم يذكر المدة التي خلي فيها عن سبيل الإمام (عليه السلام)، فيحتمل أنها فترة قصيرة، وكل ما ذكره المؤرخون أنه (عليه السلام) انتقل من سجن إلى سجن، من سجن الفضل بن الربيع إلى سجن الفضل بن يحيى.. فيا سبحان الله إلى هذا الحد محبة الدنيا وعشق السلطان تعمي القلوب عن الحقيقة، وتصم الآذان عن سماع الحق؟!!فهارون لم يؤمن بكل ما رآه من الآيات والمعجزات التي ظهرت للإمام (عليه السلام) فاطلق سراحه وندم على ذلك فأصر على التنكيل به وكانت الجريمة.