مـع ان مـعنى (خاتم ) واضح جدا ـ لان مادة ختم في كافة معاجم اللغة العربية تعني انها شي ـ ولكن قسما من وساوس المنحرفين تستوجب تقديم توضيحات اكثر بشانها في (معجم مقاييس اللغة ) يقول ((ابن فارس )) احد علمااللغة المعروفين في القرن الرابع الهجري : (ختم , لها معنى اصليا واحدا لا اكثروهو الوصول الى نهاية الشي وان قولهم (ختم ) عندما يضعون ختما (مهرا)على شي فهو من هذا الباب , لانهم دائما بعد انها شي ما يضعون ختما اومهرا عليه ). ويـقـول (الخليل بن احمد) وهو من اقدم المؤلفين والمحققين في لغة العرب والذي عاش في القرن الـثـانـي لـلـهجرة في زمن الائمة المعصومين (ع ) عن معنى خاتم وخاتم (خاتم كل شي هو نهايته وآخـرته وخاتم تعني الختم ((مهر))الذي يضعونه على الطين ) , وذلك عند اتمام الرسالة وطيها ومـن اجل ان لايفتحها الغربا يلصقون قطعة لينة من الطين على محل ربطها ثم يختمون فوقهابحيث لايبقى اي طريق لفتحها الا بكسر الختم . وذهب سائر اصحاب اللغة ايضاالى هذا المعنى نفسه , وفسروا (خاتم )بمعنى الشي الذي يؤدي الى النهاية او الختم الذي يضعونه في النهاية . وفي كتاب (التحقيق ) الذي يعد تحقيقا جامعا في مصادر اللغة المهمة بعدان ينقل اقوال كبار اللغويين العرب يقول : (المتحقق ان لهذه المادة جذر واحدوهو في مقابل ((بد)) اي اكمال شي وايصاله الى اخره ونهايته ) ((367)) . وكذلك المفسرين الاسلاميين من اقدميهم وحتى معاصريهم لم يخرجواجميعهم عن ان معنى (خاتم النبيين ) في الاية المذكورة هو آخر الانبيا. ويـقـول المفسر المعروف (محمد بن جرير الطبري ) الذي عاش في القرن الثالث في تفسيره الذي يعتبر من اقدم التفاسير في ذيل الاية آنفة الذكر :و(خاتم النبيين ) الذي ختم النبوة فختم عليها فلا تفتح لاحد بعد الى قيام الساعة ) ((368)) . ويقول المرحوم (الشيخ الطوسي ) وهو من عظما الفقه والتفسير وعاش في القرن الخامس في كتابه الـمـشـهـور (الـبـيـان ) بـعـد ان يـذكـر (خـاتم النبيين ) : اي آخرهم لانه لا نبي بعده الى يوم القيامة ((369)) . وكـذلـك الـمـفـسـر الـكـبـيـر (الـطبرسي ) الذي عاش بعده بقرن واحد جا بنفس المعنى ايضا وشرحه ((370)) . و(ابـو الفتوح الرازي ) الذي يعد من المفسرين رفيعي الشان في القرن السادس وكتب تفسيره باللغة الـفـارسـية يقول في تعبير جذاب في ذيل كلمة (خاتم النبيين ) : (وآخر الانبيا حتى تظن انه ختم النبوة وبنبوته ختم باب بعث الانبيا) ((371)) . ويقول كذلك المفسر السني الشهير (الفخر الرازي ) والذي يعد من مفسري القرن السادس الهجري الـمـعروفين بعد كلمة (خاتم النبيين ) : (مفهومها ان لانبي بعده وشريعته تامة بحيث لم يبق شي لم يذكر) ((372)) . وسار بقية المفسرين قرنا بعد قرن على نفس المعنى حتى وصل الى المفسرين المعاصرين . والشي الملفت للنظر هو ان مادة ختم ومشتقاتها ـ الاية المذكورة ـاستخدمت في القرآن الكريم في سـبـعـة مـوارد جات كلها وبدون استثنا بمعنى الاتمام او انها الشي او الختم الذي يضربونه اسفل الـرسائل , وهذا بذاته يدلل على ان الاية موضوع البحث ليس لها اي مفهوم سوى ان النبي (ص ) هو خاتم سلسلة الانبيا , والختم الذي وضع على نهاية سجل الرسالات . وكذلك جا في (نهج البلاغة ) والروايات الاسلامية نفس المعنى بشكل عام , وسوف يشار الى قسم منها في نهاية هذا البحث .
لطفا منتظر باشید ...
