كانت هذه لمحات مختصرة في القرآن الكريم حول حياة الرسول الاكرم (ص )قبل البعثة الشريفة , والان جا دور البحوث المفصلة حول البعثة البنوية . اشـار القرآن الكريم اشارات مختلفة حول مبعث الرسول الاكرم (ص ) ومن جملتها الايات الخمس التي جات في اول سورة العلق , التي اتفق المفسرون على ان نزولها في بداية ((91)) الوحي وبعثة الـنـبـي الاكرم (ص ) حيث كانت : ( اقرا باسم ربك الذي خلق # خلق الانسان من علق # اقرا وربك الاكرم # الذي علم بالقلم #علم الانسان مالم يعلم ) كما هو مشهور. نـعم اللّه سبحانه وتعالى ذو القدرة الذي انزل اليك كتابا سماويا عظيما يحمل بين دفتيه اعلى العلوم والـمـعـارف الجليلة والقوانين والدروس التربوية بوسائل بسيطة كالحروف الهجائية , واكد مرة اخـرى تـعلم القراة باسم الخالق العظيم واضافة الى مسالة القراة اشار الى تعلم الكتابة والى ان اللّه سـبحانه هو المعلم , اللّه معلم البشرالاول الذي ( علم الانسان مالم يعلم ) فكانت طرق التعليم على ثـلاث اقـسام : ( قسم خلقها على هيئة علوم فطرية في وجوده مع الانسان في الفطرة وقسم آخر يعتمدالعقل والتدبر والتفكير في عالم الخلق والقسم الثالث عن طريق الانبيا ). ان هـذه الايات القرآنية تدل على ان البعثة بدات في جو مفعم بالمعنوية ومملؤبنور العلم والمعرفة ((92)) . فـثقل الوحي من جهة وثقل الرسالة التي القيت على عاتقي الرسول (ص ) من جهة اخرى والمستقبل الـمـرعـب في المجابهة المحتومة مع المشركين المعاندين المتعصبين من جهة ثالثة , كانت سببا في شـعـور الـنبي (ص ) بالتعب الشديد بعد المرة الاولى لنزول الوحي عليه فرجع الى بيته ونام على فراشه واذا بصوت الوحي يقرع مسامعه للمرة الثانية بقوله تعالى : (ياايها المدثر # قم فانذر # وربك فكبر ) ((93)) . وهناك اقوال كثيرة حول سبب نزول هذه الاية عند المفسرين . فبعضهم يقول : ان لها تتعلق بزمان تجمع فيه المشركون العرب في موسم الحج , وتشاوروا لمجابهة الرسول (ص ). وقد جا في الروايات المتعددة ان الايات الاولى ـ على اقل تقدير ـ من هذه السورة نزلت بعد حادثة غار حرا وبعثة الرسول (ص ) والايات الباقية لها تتعلق بالسنوات التالية ((94)) . وتـشابه هذه الايات , الايات الاولى من سورة المز مل التي اشارت ايضا الى ان الرسول (ص ) تلفع بـردائه ونـام في فراشه فنزل قوله تعالى : ( ياايها المزمل # قم ال ليل الا قليلا # نصفه او انقص منه قليلا # او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا # انا سنلقي عليك قولا ثقيلا ). اسلوب هذه الايات دلالة على نزولها في اوائل الدعوة الاسلامية للرسول (ص ) لان القا القول الثقيل يـشـيـر الـى القرآن المجيد على رسول اللّه (ص )في زمان كان عدد المؤمنين به قليلا , فاضطر (ص ) الـى جـمـع الـمـؤمنين ليلاوبعيدا عن انظار الاعدا ليقرا عليهم الايات القرآنية التي كانت تحتوي على المعارف والقوانين الاسلامية . وطـبـيـعي ان قسما ايات في هذه السورة قد نزلت في السنوات التالية , بل وهناك احتمال بان الاية الطويلة الواقعة في آخر السورة والتي جا فيها حث على الجهادفي سبيل اللّه سبحانه قد نزلت في المدينة اواخر المرحلة المكية ( لان فيها اخباراعن المستقبل القريب ). وعلى كل حال فليس هناك سبب يمنع نزول الايات الاولى من السورة في بداية الدعوة وبالاخص ان كثيرا من المفسرين قد اشاروا الى ذلك . ومن المعروف ان الرسول (ص ) كانت دعوته سرية في بداية البعثة ولم يتصل ويدعو الى الاسلام الا الخواص الذين كان يطمئن باستعدادهم النسبي له وفي هذه المدة آمنت به عدة معدودة .