2. تـكـشـف الايـة الثانية ـ في هذا البحث ـ الستار عن اثنين من الحوادث المهمة الاخرى المرتبطة بمستقبل المسلمين الحادثة الاولى تكشف عن هذه الحقيقة للمسلمين وهي : انكم ستدخلون المسجد الحرام وتقيمون هذه الشعائر الكبرى في منتهى الامن والامان في المستقبل القريب بالرغم ممايحمله الـمـشـركون من فض واعتراض على دخول المسلمين الى المسجدالحرام وادائهم لمناسك الحج والعمرة , والاخرى تبين هذه الحقيقة لهم وهي :ان النصر الحقيقي سيكون حليفكم قبل ذلك . يـقـول عز من قائل : (لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجدالحرام ان شا اللّه آمنين محلقين رؤوسكم ومقص رين لاتخافون فعلم مالم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا). تـخبر هذه الاية عن ان النبي رآى في منامه رؤيا تعب ر عن ان المسلمين سيدخلون المسجد الحرام لادا مناسك الزيارة لبيت اللّه . كان البعض يتصور ان هذه الرؤيا ستتحقق مباشرة في السنة نفسها , فعندماتوجه المسلمون الى مكة للزيارة واعترض طريقهم مشركوا مكة في الحديبية (وهي القرية التي تقع مسافة 20 كيلومتر عن مـكـة واشتق اسمها من البئر اوالشجرة الموجودة فيها) مما ادى ذلك الى التوقيع على اتفاق الصلح الـمـعـروف بـصلح الحديبية , عندئذ اخذ البعض يراوده الشك والتردد في ان لاتكون لهذه الرؤيا مـصداقية , على مستوى الواقع , حتى انهم بدؤا يسالون النبي (ص ) في هذا المجال عن السبب ورا عـدم تـحقق هذه الرؤية الرحمانية ؟ فاكد لهم النبي (ص ) على انه لم يقل : ان ذلك يتحقق في هذه الـسـنـة وانما قصد وقوعه في المستقبل القريب في هذه الاثنا نزلت الاية المذكورة واول مااكدت عليه هو صدق هذه الرؤيا , ثم اشارت بعد ذلك الى الجزئيات وقالت : انكم ستدخلون المسجد الحرام قـريـبـا وتـؤدون مـناسك الحج بكل حرية واطمئنان ,كما ان النصر سيكون حليفكم قبل ادا هذه المناسك , وتحققت هذه النبؤة وفقا لما ذكرها جميع المؤرخين , واستطاع جمع غفير من المسلمين ان يـؤدوامـنـاسـك الـعمرة في السنة التالية لواقعة ((الحديبية )) وهي (السنة السابعة للهجرة ) ,وسـمـيت هذه المناسك (عمرة القضا) لانها في الواقع قضا للعمرة التي ارادالجميع ان يؤديها في السنة الماضية . نخرج من كل ماقيل سابقا لهذه النتيجة : انه قد تم الاعلان بقوة وحزم في هذا المقطع من الايات عن مـسـالـة غـيـر مـتـوقعة الحدوث , والتي كانت موردا من موارد مثار الاختلاف ونزاع شديد بين الـمـسـلـمين والمشركين , كما اشير فيها الى التفاصيل ايضا بالاضافة الى ماحصل فيه من تنبؤ عن اقتران ذلك بنصر آخرللمسلمين , وهذا في حد ذاته بيان مضاعف فيما يرتبط بهذا التنب ؤالهام . هـناك بحث ونقاش بين المفسرين حول المقصود ((بالفتح القريب )) فقدتحقق للمسلمين على مقربة مـن هـذه الـواقـعة , احدهما هو صلح الحديبية الذي كان من دواعي الانفتاح , والاخر هو ((فتح خيبر)) الذي تحقق في اوائل السنة السابعة للهجرة , اي بعد واقعة الحديبية بعدة اشهر , والظاهر ان ((الـفـتـح الـقـريب ))هو اشارة الى الواقعة الثانية كما ذهب اليه الكثير من المحققين , ذلك انه يقول في الاية 19 من سورة الفتح : (مغانم كثيرة ياخذونها وكان اللّه عزيزاحكيما). صحيح ان للغنيمة مفهوما واسعا وشاملا لكل انواع الغنيمة المادية والمعنوية , ولكن المتبادر في مثل هـذه الـمـوارد هو معنى الغنائم الظاهرية في الاعم الاغلب , ومما نعلمه ان الغنائم الظاهرية كانت موجودة في ((فتح خيبر)) لافي صلح الحديبية . اذا يمكن الخروج بهذه النتيجة بوضوح وهي : ان مثل هذه التنبؤات الدقيقة , والصادرة بكل قاطعية وجدية , وبدون ان يشوبها الاحتمال والتردد ,لايمكن ان تتاتى الا من خلال الارتباط بعالم الغيب .