قصة النجاشي وعلما الحبشة المسيحيين
9. انـمـا بـدات هـجـرة الـمسلمين الاولى الى الحبشة في الوقت الذي ازدادت ضغوطمشركي مكة وتنكيلهم بالمسلمين , مما اضطر كثير منهم الى الهجرة الى الحبشة باذن من رسول اللّه (ص ) وقام سـلـطـان الـحبشة بايوائهم ومن ثم وجدوا الامان فيها , وكان هذا الامر السبب الرئيس في النفوذ الـتـدريجي للاسلام في الحبشة من جهة , ولنفوذالاسلام في مكة من جهة اخرى , لان هذا مدعاة لان يؤمن بقية الناس ايضا , فاذا ماضاق بهم الخناق من قبل المشركين سلكوا طريق الحبشة .
يذكر ابن هشام في تاريخه المعروف :.
((فـلـمـا رات قريش ان اصحاب رسول اللّه (ص ) قد آمنوا واطمانوا بارض الحبشة , وانهم قد اصـابوا بها دارا وقرارا , ائتمروا بينهم ان يبعثوا فيهم منهم رجلين من قريش جلدين الى النجاشي فيردهم عليهم ليفتنوهم في دينهم ويخرجوهم من دارهم التي اطمانوا بها وامنوا فيها , فبعثوا عبد اللّه بـن ابي ربيعة وعمرو بن العاص بن وائل وجمعوا لهما هدايا للنجاشي ولبطارقته , ثم بعثوهما اليه فيهم , وامروهمابامرهم وقالوا لهما : ادفعا الى كل بطريق هديته قبل ان تكلما النجاشي فيهم , ثـم قـدمـا الـى النجاشي هداياه , ثم سلاه ان يسلمهم اليكما قبل ان يكلمهم , فخرجا حتى قد ما الى الـنـجـاشـي هداياه وقالا لكل بطريق منهم : انه قد ضوى الى بلد الملك مناغلمان سفها فارقوا دين قومهم , ولم يدخلوا في دينكم , وجاوا بدين مبتدع ,لانعرفه نحن ولا انتم وقد بعثنا الى الملك فيهم اشـراف قومهم ليردهم اليهم , فاذاكلمنا الملك فيهم فاشيروا عليه بان يسلمهم الينا ولا يكلمهم فان قومهم اعلى بهم عينا واعلم بما عابوا عليهم .
فـقـالـوا لهما : نعم , ثم كلما الملك : ياايها الملك , انه قد ضوى الى بلدك مناغلمان سفها فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا انت وقد بعثنا اليك فيهم اشراف قـومـهـم من آبائهم واعمامهم وعشائرهم لتردهم اليهم , فهم اعلى بهم عينا واعلم بما عابوا عليهم وعـاتـبـوهـم فـيه فقالت بطارقته حوله : صدقا ايها الملك , قومهم اعلى بهم عينا واعلم بما عابوا عليهم فاسلمهم اليهما فليرداهم الى بلادهم وقومهم , فغضب النجاشي ثم قال : لاها اللّه اذا لا اسلمهم الـيهما ولا يكاد قوم جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى ادعوهم فاسالهم عما يقول هذان في امرهم , فان كانوا كما يقولون اسلمتهم اليهما ورددتهم الى قومهم وان كانوا على غير ذلـك مـنـعتهم منهما واحسنت جوارهم ماجاوروني ثم ارسل الى اصحاب محمد (ص ) فدعاهم فلما جـاهـم رسـولـه اجـتمعوا ثم قال بعضهم لبعض : ماتقولون للرجل اذا جئتموه ؟ قالوا : نقول واللّه ماعلمنا وامرنا به نبينا (ص ) فلما جاؤا وقد دعا النجاشي اساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سالهم : ماهذا الدين الذي فارقتم قومكم فيه ولم تدخلوا في ديني ولا في دين احد من هذه الملل ؟ فقال جعفر (ع ) ايـهـا الـملك : كنا قوما اهل جاهلية نعبد الاصنام وناكل الميتة وناتي الفواحش ونقطع الارحام ونسي الجوار وياكل القوي مناالضعيف حتى بعث اللّه الينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وامانته , وعـفـافـه فـدعـانـاالـى اللّه لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والاوثـان وامـر بصدق الحديث وادا الامانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدما ونهانا عن الفواحش وقول الزور واكل مال اليتيم وامرنا بالصلاة والزكاة ,والصيام فعدد عليه امور الاسـلام فـصدقناه وآمنا به واتبعناه على ماجا به من اللّه فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا لـيـردونـا الى عبادة الاوثان فخرجنا الى بلادك ورغبنا في جوارك ورجونا ان لا نظلم عندك ايها الـمـلـك , فـقال له النجاشي :هل معك مما جا به عن اللّه من شي ؟ قال جعفر : نعم , قال النجاشي : فـاقـراه عـلي , فقرا جعفر (ع ) كهيعص , فبكى النجاشي حتى اخضلت لحيته وبكى اساقفته حتى اخـضـلـوا مـصاحفهم فضرب النجاشي بيده على الارض , فاخذ منها عودا , ثم قال : واللّه ما عدا عـيـسى بن مريم ماقلت هذا العود ان هذا والذي جا به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا , فلا واللّه لا اسلمهم اليكما ولا يكادون .
فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاا به )) ((141)) .