الاجابة على بعض الاسئلة
1 ـ يـقـال احيانا بان (خاتم ) تعني الزينة وبنا عليه فان مفهوم الاية هو ان النبي (ص ) كان زينة لكل الانبيا وليس خاتمهم .
لـكـن يجب الالتفات بان (خاتم ) لم تات ابدا بمعنى الزينة وانما بمعنى (الخاتم الذي له فص ويوضع فـي الاصابع ) وان هذا التعبير غير لائق تماما ان يقال بان النبي (ص ) هو خاتم اصبع النبيين , ثم اننا قـلـنـا بـان المعنى الاصلي لـ(خاتم ) لم يكن ابدا (خاتم الاصبع ) وانما الختم الذي يختمون به عند الانـتهامن الرسائل او البرامج او الكتب وانطلاقا من ان وضع الختم يكون في (الختام )والنهاية فان اسم (خاتم ) يطلق على الواسطة التي تختم بها الرسالة (لاحظوا ان كلمة ((خاتم )) بفتح التا معناها ((مايختم به )) اي الشي الذي يختمون به ).
ومـا يـثير الاهتمام هو ان الختم الاصلي للاشخاص في عصر نزول القرآن والقرون التالية له كان عـلـى الخواتيم التي يحملونها على اصابعهم وبواسطته كانوا يختمون رسائلهم ولهذا السبب جا في سيرة النبي (ص ) (ان خاتم رسول اللّه كان من فضة نقشه محمد رسول اللّه (ص )) ((373)) .
وجـا فـي بعض التواريخ ان من جملة وقائع السنة السادسة للهجرة انهم (عرضوا على النبي (ص ) بانك تراسل زعما البلدان والملوك وانهم لايقراون الرسائل التي لاختم عليها لهذا السبب اختار النبي (ص ) خاتما لاصبعه حتى يختم به الرسائل ) ((374)) .
وجـا في كتاب (الطبقات الكبرى ) ايضا بان النبي (ص ) عندما قرر ان ينشردعوته ويكاتب الملوك والـسـلاطـيـن فـي الـعـالـم امر فصنعوا له خاتما كتب عليه (محمد رسول اللّه ) وكان يختم به رسائله ((375)) .
بـهـذا البيان يتضح بان كلمة (خاتم ) وان كانت تطلق على خواتيم الزينة ايضاولكن في زمان نزول الـقـرآن وما بعده كان يطلق على الخواتيم التي يختمون بهارسائلهم او يختمون بها على محل ربط الرسائل بعد طيها واغلاقها.
والـنـقـطـة الـملفتة للنظر بان نفس المعنى استخدم في آيات متعددة من القرآن الكريم فيقول حول مجموعة من الكفار (ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم ) البقرة ـ 7 ويقول عن يوم القيامة : (اليوم نختم على افواههم ) يـس ـ
65. وعلى كل حال فان اقل اطلاع على معانى هذه المفردة في الادب العربي وجذورها الاصلية وموارد اسـتـعـمـالـهـا يثبت بوضوح ان كلمة (خاتم النبيين )ليس لها اي معنى سوى معنى متمم عدة الانبيا وخاتمهم .
السؤال الثاني :.
الايـراد الواهي الاخر طرح من قبل بعض الاشخاص غير المطلعين وهو ان القرآن الكريم يقول : ان الـنبي (ص ) (خاتم النبيين ) ولم يقل (خاتم الرسل ) ومن الممكن ان سلسلة الانبيا تنتهي بظهوره ولكن سلسلة الرسل , نهاية لها. الجواب :.
صـحـيـح ان (النبي ) معناه كل نبي يوحى اليه من قبل اللّه تعالى سوا كان مكلفا بالتبليغ او لا , عنده كتاب سماوي ام لا ولكن (الرسول ) هو نبي مكلف بالبلاغ وبتعبير اخر ان كل نبي رسول ولكن ليس كل رسول نبي .بـهـذا الـبيان تكون الاجابة على السؤال المذكور واضحة تماما فعندما يكون شخص ما خاتما للانبيا فـبـطريق اولى يكون خاتم للرسل ايضا لانه كما قلنا قبل قليل بان كل رسول هو نبي ـ لان مرحلة الرسالة اشمل من النبوة ـ.
وهذا الكلام يشبه بالضبط ان نقول ان فلانا خرج من منطقة الحجازفبالتاكيد ان ذلك الشخص خرج من مكة ايضا اما اذا نقول ان فلانا ليس في مكة فمن الممكن ان يكون في نقطة اخرى من الحجاز.
وبـنـا عـلى هذا اذا كان النبي (ص ) خاتم المرسلين كان ممكنا ان لا يكون خاتما للانبيا ولكن حينما تقول الاية انه خاتم النبيين فمن المسلم به ان يكون خاتما للمرسلين كذلك .
فـي قـسم آخر من الايات المذكورة اعلاه هناك تعبيرات يعتبرها الكثير من العلما دليل ساطع على مسالة الخاتمية واذا افترضنا عدم قبول دلالتهاالصريحة فلا اقل من ان تكون قرائن وشواهد على هذه المسالة :.
1 ـ نـقرا في اول آية من هذا القسم : (ان الذين كفروا بالذكر لما جاهم وانه لكتاب عزيز # لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد).
و(الـبـاطل ) في هذه الاية معناه الشي الذي يبطل او ينسخ وعليه فان مثل هذا الكتاب سيكون خالدا وابـديا وهذا بنفسه دليل على خاتمية الدين الذي يعود له هذا الكتاب كما هو دليل على عدم تحريف القرآن ايضا.
وقد يقال بان (الباطل ) في اللغة لا يعني (المبطل ) اذن كيف فسرتم الاية بهذا الشكل ؟.
فنقول : علاوة على ان الكثير من المفسرين ذكروا بان احد معاني الباطل هنا هو المبطل ((376)) فـاصـولا عـندما يقول (لاياتيه الباطل ) فان مفهومها ان الباطل لا يمكنه ان يعيقه او يعطله خصوصا وانه قال قبلها : (وانه لكتاب عزيز) التي تدل على بقاه وثباته .
وفي الاية التالية يقول : (تبارك ال ذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا).
ولـفـظـة (عـالـمـين ) التي تشمل كل سكان العالم بالرغم من عدم تقييدها باي قيد فهي تعم ابنا كل الاعصار حتى نهاية الدنيا.
وهـي لـيـست غير محدودة من ناحية المكان فحسب بل وحتى من ناحية الزمان ايضا , وتشمل حتى الاتـيـن , ولهذا السبب اعتبرها الكثير من المفسرين دليلا على عالمية الدين الاسلامي اولا وعلى خلوده ثانيا ((377)) .
والـنـقطة الملفتة للنظر ايضا ان كلمة (عالمين ) اخذت من مادة (علم ) التي تشمل كل الموجودات الـتـي يحتويها علم الانسان وحتى السماوات والارض ولكن بمراعاة كلمة الانذار التي وردت في الاية فان مفهومها يكون هنامحصورا بالمكلفين في العالم .
على اية حال , يكون الاستدلال على الاية الثالثة بنفس الطريقة ايضا , لان الرسول (ص ) يقول وفق هذه الاية : (واوحي الي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ ).
فـسـعـة مفهوم (ومن بلغ ) غير خاف على احد ويكون شاملا لكل بني الانسان الى نهاية العالم , وهو دليل على عالمية الاسلام وديمومته وخلوده .
ويـصرح (الطبرسي ) رحمه اللّه في مجمع البيان ـ ذيل الاية المذكورة ـ بان (من بلغه القرآن الى يوم القيامة ) مشمولون بهذه الاية ((378)) .
وكذلك الكثير من المفسرين القدما والمحدثين بينوا صراحة في ذيل هذه الاية بانها دلالة على مسالة (الـخـاتـمية ) ومن جملة هؤلا (ابو الفتوح الرازي ) من علما القرن الثالث للهجرة وصاحب تفسير (روح البيان ) والعلامة الطباطبائي في (الميزان ) وغيرهم .
ودلالـة الايـات (4 و 5 و 6 و7) مورد البحث تكون ايضا بنفس الطريق لان تعبير (كافة للناس ) الـذي جـا فـي الاية الرابعة يشمل عموم الناس وفي الاية الخامسة (اني رسول اللّه اليكم ) والاية السادسة ايضا استندت الى العالمين الذي هو مفهوم واسع من جهة الزمان والمكان .
ومـجـمـوع هذه الايات يمكن ان يكون تاييدا وتاكيدا اخر على مسالة (خاتمية نبي الاسلام (ص )) و(خلود القرآن ).
وذكر بعض من الكتاب والمؤلفين آيات اخرى بهذا الصدد صرفنا النظر عن ذكرها لان دلالتها غير كافية كما يبدو للنظر.