ولما ادركت قريش عدم تاثير جميع الاساليب التي اتخذتها وظل الاسلام يشق طريقه بثبات قررت كـتـابـة وثـيقة تمنع فيها الروابط الاقتصادية والاجتماعية مع بني هاشم حتى تشكل ضغوطا على الـرسول (ص ) لمنع نشر الدعوة : (( ولما رات قريش الاسلام يفشو ويزيد وان المسلمين قووا وعـاد الـيـهم عمرو بن العاص وعبد اللّه بن ابي امية من النجاشي بما يكرهون من وضع المسلمين عنهم وامنهم , ائتمروا في ان يكتبوابينهم كتابا يتعاقدون فيه على ان لا ينكحوا من بني هاشم وبني الـمطلب ولا ينكحوا اليهم ولا يبيعوهم ولا يبتاعوا منهم شيئا , فكتبوا بذلك صحيفة وتعاهدوا على ذلك ثم عل قواالصحيفة في جوف الكعبة توكيدا لذلك الامر على انفسهم )) ((15)) . وهـكـذا قد ضيقوا الخناق على بني هاشم وبني المطلب ليقع الخلاف بينهم ويسلموا لهم رسول اللّه (ص ). واستمر الحصار على مدى ثلاث سنوات ((16)) وكانوا محرومين من كل شي ماعدا القليل الذي يـهـيؤنه سرا , غير ان مؤامراتهم فشلت مرة اخرى فاكلت الارضة لائحتهم المعل قة داخل الكعبة ومـل بـعض الاشخاص هذا العمل الوحشي غيرالانساني فاصبحوا بصدد الغا اللائحة , وقد الغيت بالفعل وانتهى الحصار ((17)) ورجع الرسول وعشيرته الى مكة المكرمة . واسـتـمـر الاسلام بتقدمه والرسول (ص ) بدعوته , وهنا وقعت حادثتان مؤلمتان للرسول (ص ) ((18)) قبل الهجرة بثلاث سنوات , وهما : وفاة ابي طالب وخديجة (ع )وكان للحادثتين اثر بالغ على الرسول (ص ) والمسلمين فازداد ضيق الخناق على الرسول (ص ) ((حتى ينثر بعضهم التراب على راسه وحتى ان بعضهم يطرح رحم الشاة وهو يصلي )). بـعـدهـا صـمم الرسول (ص ) على ان يستمد العون من مجموعة من قبيلة ثقيف الساكنة في الطائف لحمايته ونشر الاسلام , ولكنهم كذبوه وطردوه فكان ذلك ثقيلا على قلب رسول اللّه (ص ) فاخذ يـدعـو بـهـذا الـدعـا المعروف , يقول التاريخ : (( فقام رسول اللّه (ص ) وقد يئس من خير ثقيف واغـروا بـه سـفـاهم فاجتمعوا اليه والجؤه الى حائطلعتبة وشيبة ابني ربيعة ورجع السفها عنه وجـلس الى ظل حبلة من عنب وقال : اللهم اليك اشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس , اللهم ياارحم الراحمين انت رب المستضعفين وانت ربي الى من تكلني الى بعيد يتجهمني او الى عدو ملكته امري ان لم يكن بك علي غضب فلا ابالي ولكن عافيتك هي اوسع , اني اعوذ بنور وجهك الذي اشـرقـت بـه الـظلمات وصلح عليه امر الدنيا والاخرة من ان تنزل بي غضبك او تحل بي سخطك )) ((19)) . وقـد ارسل اولاد ربيعة عنبا بيد غلامهم النصراني (عداس ) الى رسول اللّه (ص ) , فاخذه وقال : (( بـسـم اللّه )) واكـل مـنه , قال ( عداس ) : ان هذه الكلمة ليست كلمة اهل هذه الديار الرسول (ص ) : من اي البلاد انت ؟ فاجاب : من بلاد نينوى , فقال الرسول (ص ) : وما هو دينك ؟ فاعلم الرسول بدينه . واخـيـرا دخـل الاسـلام على يد رسول اللّه (ص ) , وقب ل يديه وذهب ومن ثم لم يرجع الرسول (ص ) خائبا من سفره ((20)) .