انا اعطيناك الخير الكثير - نفحات القرآن جلد 8

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نفحات القرآن - جلد 8

ناصر مکارم شیرازی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

انا اعطيناك الخير الكثير

8. نطلع في المقطع الثامن من الايات وهي ((سورة الكوثر)) على ثلاث نبؤات هامة , لانه يقول : (ان ا اعطيناك الكوثر # فصل لربك وانحر # ان شانئك هو الابتر).

ذكـر مـعـظـم الـمفسرين شان نزول لهذه الاية , وهي متقاربة مع بعضها البعض ومن جملتها ماقاله ((البرسوي )) في روح البيان : ((وذلك انهم (اي المشركون ) زعموا حين مات ولداه القاسم وعبد اللّه (ع ) بـمـكة , وابراهيم بالمدينة , ان محمدا (ص ) ينقطع ذكره اذا انقطع عمره لفقدان نسله , فـنـبـه اللّه : ان الـذي يـنقطع ذكره هو الذي يشناه ,فاما هو فكما وصفه اللّه تعالى : (ورفعنا لك ذكـرك ) , وذلـك انه اعطاه نسلا باقيا على مر الزمان , فانظر كم قتل من اهل البيت والعالم ممتلي منهم )) ((281)) .

وقال ((الطبرسي )) في ((مجمع البيان )) : قيل نزلت السورة في العاص بن وائل السهمي وذلك انه راى رسول اللّه (ص ) يخرج من المسجد فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا واناس من صناديد قريش جـلوس في المسجد , فلما دخل العاص قالوا : من الذي كنت تتحدث معه ؟ قال : ذلك الابتر , وكان قـد تـوفى قبل ذلك عبداللّه بن رسول اللّه (ص ) وهو من خديجة , وكانوا يسمون من ليس له ابن ابترا فسمته قريش عند موت ابنه ابترا ((282)) .

ونـقل الفخر الرازي ستة اقوال في شان نزول هذه الاية بان عدة افراد قالوا للنبي الاكرم (ص ) : انك ((ابتر)) , وهذه السورة ناظرة الى هؤلا الاشخاص ((283)) .

وعـلى الرغم من انه قد ذكر افرادا متعددين , الا ان المحتوى والمضمون واحدفي جميعها , وان جـمـيعهم كانوا يسمون النبي (ص ) ((بالابتر)) حقدا وعداوة , وقد ردعليهم القرآن باجمعهم , لان هـذه الاقوال الستة لاتتنافى مع بعضها البعض , فمن المحتمل ان هذا التعبير صدر من جميعهم , والرد القرآني ناظر اليهم جميعا.

وعـلـى اي حـال فان لفظة ((الابتر)) في الاصل , تعني قطع عضو من اعضا جسم الحيوان , ومن الـمتعارف انها تطلق على قطع الذنب , ثم اطلقت بعد ذلك على الاشخاص المقطوعي النسل , وكذلك على الذين ينقطع ذكرهم الحسن , او يمحى من الخواطر , والخطبة ((البترا)) ايضا تقال للخطبة التي لا تبدا باسم اللّه (او انها لاتشتمل على ذكر اللّه ).

وورد في المقاييس ايضا ان ((البتر)) هو القطع , و((السيف الباتر)) هو السيف القاطع , ويقال لمن لا عـقب له : ((ابتر)) اما الكوثر فهي ماخوذة من مادة الكثرة ((284)) ,وهي نفس هذا المعنى , ولـها هنا في هذا المقام معنى واسع وشامل , وهو عبارة عن الخير الكثير والبركة الكثيرة , واحد مصاديقها البارزة هم الابنا الصالحون والسلالة الطيبة , واجلى مصداق له هي بنت الاسلام و((سيدة نسا العالمين من الاولين والاخرين )) فاطمة الزهرا (س ).

وذكر المفسرون احتمالات كثيرة لمعنى ((الكوثر)) بحيث نقل الفخر الرازي خمسة عشر قولا , ونـقل صاحب تفسير روح المعاني عن بعض المفسرين ستة وعشرين قولا , واشار اليه المرحوم الـعـلامة الطباطبائي في ((الميزان )) ايضا , ومن جملة التفاسير المشهورة له هو نفس ((حوض الـكـوثـر)) الـمـتـعـلـق بـالـنـبـي الاكرم (ص )والذي يرتوي منه المؤمنون عند دخولهم الى الجنة ((285)) .

وفسره البعض ايضا بانه مقام النبوة , او القرآن , او نهر في الجنة , اوالشفاعة وكما قلنا : ان لهذه الكلمة معنى واسعا وشاملا لكل هذه المعاني وغيرها ,ولا يمنع من جامعية المفهوم تعدد مصاديق هذا المفهوم , فليس ثمة تضاد وتنافربين هذه التفاسير المتعددة .

وعلى اي حال يستكشف من هذه السورة ثلاث نبؤات هامة :.

اولا : انه يقول : (ان ا اعطيناك الخير الكثير).

ان كـلـمـة ((اعـطـيـنـاك )) وان خرجت بهيئة الفعل الماضي الا انه من الممكن ان يكون من قبيل المضارع القطعي المبين بصيغة الفعل الماضي .

وهذا الخير الكثير في الحقيقة يستوعب كل الانتصارات التي حظي بهاالنبي (ص ) , والتي لم تكن متوقعة حين نزول هذه السورة .

هذا مع الاخذ بنظر الاعتبار شان النزول وكلمة ((الابتر)) التي اطلقها الاعدا على النبي (ص ) , فـيكون احد المصاديق الجلية لهذا الخير الكثير هم ((الابنا)) , والسلالة الخيرة التي تفرعت من ابـنـتـه الـوحيدة ((فاطمة الزهرا)) , وانتشرت في سائر انحاالكرة الارضية , وعلى حد قول البعض : انهم ملاوا العالم في يومنا هذا , وهذا هوالذي لم يكن متوقعا في ذلك العصر.

واشـار الـى هـذا الـمـوضوع ـ بصراحة ـ جماعة من مفسري ابنا العامة ايضا , من ضمنهم الفخر الـرازي , فالقول الثالث الذي ينقله في تفسير ((الكوثر)) هم نفس اولاده وابناه , لان هذه السورة انـمـا نزلت ردا على من عابه (ص ) بعدم الاولاد , فالمعنى انه يعطيه نسلا يبقون على مر الزمان , فـانـظـركم قتل من اهل البيت , والعالم ممتلي منهم , ولم يبق من بني امية في الدنيا احد يعبا به , ثم انـظـركـم مـن الاكـابـر مـن الـعـلـمـاكالباقر والصادق والكاظم والرضا (ع ) والنفس الزكية وامثالهم ((286)) .

وجا هذا المعنى في تفسير روح المعاني ايضا : وقيل : هو اولاده (ص ) لان السورة نزلت ردا على من عابه (ص ) وهم والحمد للّه كثيرون قد ملاواالبسيطة ((287)) .

مـن جـهـة ثـانية يخبر ان اعداه سيكونون ((مبتورين )) , وبلا عقب , وتحققت هذه النبؤة ايضا , ووصلت حالة التشرذم والتشتت باعدا الرسول بحيث لم يبق لهم اثرفي هذا اليوم .

ان ((ابـو سـفـيـان )) وابناؤه وعشيرة بني امية الذين كانوا من الاعدا الشرسين للاسلام اذ وقف بـعضهم بوجه النبي والبعض الاخر بوجه ابنائه كانوا في يوم من الايام جمعا غفيرا , بحيث تجاوز عدد ذويهم وابنائهم وارحامهم عن حد الاحصا ,لكن اذا بقي لهم شي يذكر في يومنا هذا فهو مطوي في صحيفة النسيان .

يـقول الالوسي في روح المعاني : ((الابتر)) هو الذي لاعقب له , حيث لا يبقى منه نسل ولا حسن ذكر , واما انت فتبقى ذريتك وحسن صيتك وآثار فضلك الى يوم القيامة )) ((288)) .

ان هـذه السورة وان دل شان نزولها وفقا للرواية المشهورة على ان القائل لهذاالكلام هو ((العاص بن وائل )) الذي كان من الاعدا الالدا للنبي (ص ) الا انه من البديهي ان هذه السورة ليست ناظرة الى الشخص فقط , بل ان كلمة ((شانئ ))الماخوذة من مادة ((شنن )) التي هي بمعنى البغض والعداوة , لها مفهوم واسع وشامل لكل الاعدا , وهذا التنبؤ صادق في حقهم جميعا , لانه لم يبق لهم ذكريؤثر , ولا ابنا معروفون ولم يكن التكهن بهذا المعنى ممكنا في ذلك اليوم الذي كان النبي يعيش فيه في مكة , والمسلمون في منتهى القلة .

/ 120