4. في المقطع الرابع نقف على صورة اخرى للتنبؤ. نـزلـت هـذه الايـات فـي مـكة عندما كان اعدا الاسلام يسرحون في اوج قدرتهم , في حين يشكل المسلمون من الضعف وقلة العدد. كـان الاعدا يفتخرون بقدرتهم وشوكتهم ويقولون : نحن جماعة قوية ومتحدة وسننتقم من مناويئنا ونـنـتـصـر عـليهم : (ام يقولون نحن جميع منتصر) ,الا ان القرآن يعقب على ذلك مباشرة بقوله : (سيهزم الجمع ويولون الدبر). ان مـن المسلم له هو عدم امكان حصول التوقع والحدس بالانتصار السريع للمسلمين وكسر شوكة اعدا الاسلام في ذلك الزمان , الا انه لم تمر فترة قصيرة من الزمن حتى هاجر المسلمون وعظمت قـدرتـهـم وشوكتهم بحيث انهم وجهواضربة قوية ومباغته الى نحور الاعدا في اول اصطدام من نوعه مع الاعدا في ساحة معركة بدر. الـجدير بالذكر ان النبي الاكرم (ص ) في يوم بدر كما جا عن ابن عباس بدابالدعا في خيمته ومن ضـمـن ما يدعو به انه (ص ) كان يقول : (اللهم اقسم عليك بالعهد الذي عاهدته معنا) , ثم لما خرج بـلامة الحرب من الخيمة ودخل ساحة القتال تلا هذه الاية : (سيهزم الجمع ويولون الدبر) اي ان الوعد الالهي سيتحقق هذا اليوم ((276)) . وبطبيعة الحال فقد استمرت هزائم الاعدا ونكوصهم على اعقابهم مراراوتكرارا , وما مرت بضعة اعوام اخرى حتى اذعنت كافة اقطار ((شبه الجزيرة العربية )) ـ فضلا عن كفار مكة ـ بالتسليم والانقياد للمسلمين . ونـقل في تفسير القرطبي عن بعض المفسرين : ان هذه الاية نزلت في ميدان معركة بدر , في حين ان الـمعروف والمشهور هو نزول سورة القمرباجمعها في مكة , والظاهر ان منشا الاشتباه راجع الـى نفس ماتقدمت الاشارة اليه بان النبي الاكرم (ص ) كرر هذه الاية في ساحة بدر , فكانت اشارة واضـحة الى تحقق الوعد الالهي في ذلك اليوم , لهذا ظن البعض ان الاية نزلت في ذلك المكان , على كل حال فهذه هي احدى التنبؤات القاطعة للقرآن التي تحققت على حين غرة في فترة قصيرة .