الذين لجؤوا الى المعارضة
ب . ذكرنا في ما سبق ان المعجرة عبارة عن دعوة الاخرين الى المقابلة بالمثل وعجزهم عن ذلك , وهنا يـتبادر الى الذهن هذا السؤال : من اين يعلم ـ والقرآن قددعا العالمين كافة ـ ان احدا لم يستطع ان ياتي بنظيره على طول التاريخ . الـجواب واضح , فهذا الموضوع ليس بمسالة هامشية حتى يمكن للتاريخ ان ينساها , بل هي مرتبطة كثيرا بمصير هذه العقيدة المهمة ومصير منافسيها الذين يمتلكون قدرة هائلة ويصرفون سنويا مبالغ ضخمة في محاربة الاسلام ومواجهته ولو كان يقع مثل هذا الامر , لاتخذوا من ذلك وسيلة اعلامية وبوقا دعائيا واسعاومربحا. وعـلـيـه بنا على المثل المعروف القائل : ((لو كان لبان )) لابد ان يبدو للعيان كل مظهر من مظاهر الـمعارضة والمواجهة في هذا المجال , ولهذا السبب كانت تردبعض الاتهامات على عدة من الافراد الـذيـن قد لا يفكرون في معارضة القرآن اطلاقاواتخذ من ذلك وسيلة دعائية , وهذا يدل بوضوح عـلـى الاصرار الكبير على هذه المسالة من قبل المناوئين ولهذا الامر كانوا يتشبثون بكل الوسائل الممكنة في سبيل الوصول الى مقاصدهم الدنيئة . الـشـخص الوحيد الذي سجله التاريخ هو (مسيلمة ) المشهور (بالكذاب ) الذي قام بادعا النبوة في عصر النبي (ص ) وعلى ارض (اليمامة ) من منطقة شرق الحجاز. كـان اسـمـه الحقيقي (مسيلمة بن حبيب ) واظهر دعوته في اواخر حياة النبي الاكرم (ص ) (في السنة العاشرة للهجرة ) وكان يحاول ما وسعه ذلك ان يقلد رسول اللّه (ص ) في كل شي . ويدعي ان ملكا ينزل عليه اسمه (رحمان ) وياتيه بيات تشابه آيات القرآن . وقيل : انه طلب من النبي ان يشاركه في النبوة ويوصي بان يقوم مقامه بعدوفاته (ص ) حتى يكف عن المخالفة والعدا. نـسـتـشف من هذه القرائن والامارات بان ايادي العصبة القبلية كانت ورا ,مسيلمة وتؤيده على هذا العمل وتؤازره . وكـان اهـل اليمامة يتخذون هذه الوسيلة للقضا على سيادة قريش وحاكمية اهل مكة والمدينة التي تحققت تحت ظل مقام نبوة نبي الاسلام (ص ). ولهذا السبب كانوا يبحثون عن رجل يثير الشغب ويطلب الرئاسة والمال ,فوجدوا هذه الصفات عند مسيلمة . الا ان الـحديث الذي ينقل عنه بعنوان المعارضة للقرآن يدل بوضوح ـ فضلا عن كل مامر ـ على انه رجل سخيف , يعتمد السجع في الكلمات من دون ان يهتم بمحتوى كلامه . من جملة عباراته المضحكة التي نقلت عنه في هذا المجال كتقليد للقرآن , هي هذه الكلمات :. ((والمبذرات بذرا , والحاصدات حصدا , والذاريات قمحا , والطاحنات طحنا ,والعاجنات عجنا , والخابزات خبزا , والثاردات ثردا , واللاقمات لقما , اهالة وسمنا)) ((147)) . يبدو انه يريد من ورا هذه الجمل المضحكة ان يتحدى آيات سورة العاديات او الذاريات . يقول القرآن : (والعاديات ضبحا # فالموريات قدحا # فالمغيرات صبحا #فثرن به نقعا # فوسطن به جمعا #ان الانسان لربه لكنود ) انظر الى هذا التفاوت البعيد. ينقل عنه في عبارة اخرى انه نزلت عليه هذه الايات ((ياضفدع بنت ضفدعين نقي ماتنقين اعلاك في الما واسفلك في الطين لا الما تكدرين ولا الشارب تمنعين )) ((148)) . وسـائر الاحاديث او بالاصطلاح الايات الاخرى التي نقلت عنه هي على هذه الشاكلة ايضا , بل ان بعضها اسؤ حالا , وبعضها ركيك , فالاعراض عن ذكرهااولى . يستفاد بوضوح من عباراته التي نقلت عنه انه يولي السجع اهتمامه في جملة فحسب ويرى ذلك كافيا , بـالـضبط على غرار الاشعار التي تنظم في زماننا للاطفال وهي مطالب خاوية ورخيصة تصب من دون معنى مترابط في قوالب شعرية ,ويكتفون بقافتيها فقط. يذكر المؤرخون : انه كان في عصره امراة معروفة بالكذب اسمها (سجاح على وزن تباه ) , وكانت تـقول العرب : ((فلان اكذب من سجاح )) نظرا لما اشتهر عنهابالكذب وهي من بني تميم , وكانت تـدعـي الـنـبـوة ونزول الوحي ايضا وتبعها ثلة من الناس واخذت هي الاخرى تنشئ الفاظ السجع كمسيلمة . يقال : ان اتباع هذين الشخصين المتجاورين استعد كل منهما للحرب مع الاخر ,الا ان مسيلمة توسل بـاسـلـوب الحيلة والمكر واختلى بسجاح , وقال لها : هل ترغبين بالزواج مني , فتتحد قبيلتي مع قـبـيلتك ونحمل حملة رجل واحد على العرب ,فرضيت بذلك , ومكثت معه ثلاثة ايام ولما رجعت سـالـهـا افراد قبيلتها عن مهر هذاالزواج , فجات الى مسيلمة وطالبته بالمهر , فامر مسيلمة احد الاشـخـاص بـالـندابين القبيلتين : ان مهر سجاح هو رفع وحذف صلاة الصبح والعشا التين وردتا في شريعة محمد. وعـنـدما قتل مسيلمة في حرب اليمامة بعد رحلة نبي الاسلام (ص ) على يدقاتل حمزة المعروف (وحشي ) اظهرت هذه المراة الاسلام ((149)) . ولقد اشتهر هذان الشخصان بالكذب الى درجة بحيث قال احد الشعرا في حقهما :.والت سجاح ووالاها مسيلمة كذابة من بني الدنيا وكذ اب كذابة من بني الدنيا وكذ اب كذابة من بني الدنيا وكذ اب