6. ورد الـتعريف بشخصية سليمان في القرآن الكريم على كونه نبيا كبيرا وقائدامقتدرا امتلك سلطة عـريـضة وفريدة من نوعها , واشيد بعظمته وصلاحه في سور مختلفة من جملتها سورة البقرة , الـنـسـا , الانبيا , النمل , سبا وص , فعلى سبيل المثال نقرا قوله تعالى في سورة (ص الاية 30) : (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد انه او اب ). القرآن في حكايته المفصلة نوعا ما التي اوردها في السور المتقدمة الذكرعن هذا النبي الكبير ليس فقط لا ينسب له نسبة عبادة الصنم وصناعته مطلقاوانما يعد كافة جوانب حياته نزيهة من اي لون من الوان التلوث بالشرك والمعصية . يكفي في هذا المجال مراجعة سورة الانبيا (الايات 28 الى 82) وسورة النمل (الاية 15 الى 44) وسورة ص (الاية 30 الى 40) وعلى الخصوص قصة هداية (ملكة سبا) وانقاذها من براثن الشرك ودعـوتها الى التوحيد الخالص ,وخاصة عندما يقول : (وصدها ما كانت تعبد من دون اللّه انها كانت من قوم كافرين ) واساسا يستفاد من الايات الموجودة في نفس السورة ان الهدف الرئيسي لسليمان في واقعة الملكة سبا يكمن في محاربة الشرك والوثنية وانقاذها وقومهامن وطاة هذا الانحراف , والان نـعـود الى التوراة الفعلي المحرف لننظر الى مايقوله في شان سليمان ومايخلقه من صورة بشعة عن هذا النبي ,صورة لرجل مفتون بالاهوا بحيث ساقه هوسه وهواه الى حد الشرك والوثنية وحتى بنا معبد الصنم . جا في الكتاب الاول للملوك والسلاطين مايلي : ((واحب الملك سليمان نسا اجنبيات كثيرة من الامم الـتي قال الرب لبني اسرائيل في شانها : لاتذهبوااليهن ولايذهبن اليكم فانهن يستميلون قلوبكم الى اتـبـاع الـهـتهن , فتعلق بهن سليمان حبا لهن , وكان له سبع مائة زوجة وثلاث مائة جارية فازاغت نساؤه قلبه ,وفي زمن شيخوخة سليمان تمكن ازواجه من امالة قلبه الى اتباع الهة اخرى , فلم يكن قـلـبه مخلصا للرب الهه , كما كان قبل داود ابيه فتبع سليمان عشتروت الهة الصيدونيين , وملكوم بني عمون ووضع الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب اتباعاتاما مثل ابيه داود. حـينئذ بنى سليمان مشرفا لكاموش صنم قبيلة موآب في الجبل المقابل لاورشليم ولمولك صنم بني عـمـون , وكذلك صنع لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يحرقن البخور ويذبحن لالهتهن , فغضب الـرب عـلـى سـليمان , لان قلبه مال عن الرب اله اسرائيل الذي تراى له مرتين وامره في ذلك ان لايـتـبـع الهة اخرى , فلم يحفظ ماامره الرب به , فقال الرب لسليمان : بما ان امرك هذا , وانت لم تـحـفظعهدي وفرائضي التي امرتك بها , فسانتزع الملك عنك واسلمه الى عبدك , الا اني لا افعل ذلك في ايامك نظرا لداود ابيك , بل انتزعه من يد ابنك )) ((254)) . يستخلص من مجموع القصة الكاذبة للتوراة مايلي :. ا ـ كـان لسليمان علاقات كثيرة بنسا الطوائف المشركة , وقد استولى على قسم كبير منهن خلافا لامـر اللّه ثـم اخـذ يميل الى معتقداههن شيئا فشيئا ,وبالرغم من كونه شخصا ميالا للنسا فقد حاز عـلـى 700 امـراة بـالعقد الدائم و300 امراة بالعقد المنقطع ابتعاده عن طريق اللّه تعالى ب ـ اصـدر سليمان قرارا معلنا ببنا معبد للاصنام , وبنى على الجبل المطل على ((اورشيلم )) تلك الـبقعة المقدسة لاسرائيل , معبدا لصنم كموش ـالصنم المعروف لطائفة الموابيان ـ وصنم مولك ـ الـصنم المختص بطائفة بني عمون ـ وبرزت في نفسه علاقة خاصة بصنم ((عشتروت )) الصنم المنسوب الى الصيدونيان , وقد تحقق ذلك كله في عهد شيخوخته ج ـ ووجـه اللّه تعالى له عقابا على هذا الانحراف والذنب العظيم , وتبلورهذا العقاب في ان يسلب مـنه مملكته وسلطانه ولكن لا يسلبه من يده شخصاوانما يسلبه من يد ابنه ((رحبعام )) فـرصة البقا في الحكم متى شا ,وهذا الاجل كونه من عباد اللّه المقربين , لقد كان والد سليمان هو داود , ذلـك الـعـبد المقرب عند اللّه والذي اقدم على قتل النفس والزنا بالمحصنة , واستولى على زوجة الضابط الرشيد والخادم في جيشه هل يمكن لاحد الاشخاص ان ينسب هذه التهم الفظيعة الى ساحة انسان مقدس كالنبي سليمان ؟ اذا اعـتـقدنا بنبوة سليمان (ع ) ـ كما صرح به القرآن ـ فالامر واضح واذاعددناه في قائمة ملوك بني اسرائيل , فكذلك لايمكن ان تصدق في حقه مثل هذه النسب ايضا. ولـو اننا انكرنا نبوته فمن المسلم انه كان تاليا للنبي من بعده , لان من الكتب التي اشتملت على اقوال هـذا الـرجـل الالـهـي الـكبير هو كتابين من كتب العهدالقديم احدهما يقع تحت عنوان ((مواعظ سليمان )) او ((حكم سليمان )) والاخرتحت عنوان ((نشيد سليمان )) بالاضافة الى ان التوراة في الـفـصـل الـثـالـث مـن الكتاب الاول لتاريخ الملوك ((الجمل من 5 الى الاخير)) يقول بصراحة : ((لـقدتجلى اللّه تعالى لسليمان في المنام ليلا , وخاطبه بالقول , اطلب مني ماتشاونظرا لصغر سنه وقـلة تجربته طلب سليمان من اللّه الحكمة , واستجاب اللّه دعاه واعطاه الفهم والحكمة وقال : ان هذا الفهم والحكمة التي اعطيته اليك لم اعطه لاحد من قبلك ولا من بعدك )). هل يعقل ان يتلقى احد الاشخاص هذه النوع الفريد من العلم والحكمة من اللّه تعالى في ايام شبابه ثم يقدم على بنا معبد للاصنام ارضا لرغبات زوجاته في عهد كبره ونضج عقله واكتمال مداركه ؟ مـما لايقبل الشك ان هذه الاساطير الكاذبة كانت من صنع الادمغة العاجزة في السابق , ومن المؤسف حـقـا ان عـدة مـن الافـراد الجهلا وضعوها في سلسلة الكتب السماوية بعد ذلك , وعد هذا الكلام ((الـلا مقدس )) بعنوان ((الكتاب المقدس )) الا انه هل تشاهد اي واحدة من هذه النسب السيئة في الوقائع والحوادث التي ينقلها القرآن ؟ الدقة والبحث ينفيان هذا الامر.