بسم الله الرحمن الرحيم كتاب المساقات و هي معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرها و لا إشكال في مشروعيتها في الجملة و يدل عليها مضافا إلى العمومات خبر يعقوب بن شعيب عن أبى عبد الله عليه السلام سئلته عن الرجل يعطى الرجل أرضه و فيها رمان أو نخل أو فاكهة و يقول : اسق هذا من الماء و اعمره و لك نصف ما أخرج قال عليه السلام لا بأس ، و جملة من اخبار خيبر منها صحيح الحلبي قال أخبرني أبو عبد الله عليه السلام أن أباه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أعطى خيبرا بالنصف أرضها و نخلها فلما أدركت الثمرة بعث عبد الله بن رواحة " الخ " هذا مع أنها من المعاملات العقلائية و لم يرد نهى عنها و لا غرر فيهما حتى يشملها النهى عن الغرر و يشترط فيها امور " الاول " الايجاب و القبول و يكفى فيها كل لفظ دال على المعنى المذكور ماضيا كان أو مضارعا أو أمرا بل الجملة الاسمية مع قصد الانشاء بأى لغة كانت و يكفى القبول الفعلى بعد الايجاب القولي كما أنه يكفى المعاطات " الثاني " البلوغ و العقل و الاختيار " الثالث " عدم الحجر لسفه أو فلس " الرابع " كون الاصول مملوكة عينا و منفعة أو منفعة فقط أو كونه نافذ التصرف فيها لولاية أو وكالة أو تولية " الخامس " كونها معينة عندهما معلومة لديهما ." السادس " كونها ثابتة مغروسة فلا تصح في الودى أى الفسيل قبل الغرس " السابع " تعيين المدة بالاشهر و السنين و كونها بمقدار يبلغ فيه الثمر غالبا نعم لا يبعد جوازها في العام الواحد إلى بلوغ الثمر من ذكر الاشهر لانه معلوم بحسب التخمين و يكفى ذلك في رفع الغرر مع أنه الظاهر من رواية يعقوب بن شعيب المتقدمة " الثامن " أن يكون قبل ظهور الثمر أو بعده و قبل البلوغ بحيث كان يحتاج بعد إلى سقي أو عمل آخر و أما إذا لم يكن كذلك ففى صحتها إشكال و إن كان محتاجا إلى حفظ أو قطوف أو نحو ذلك " التاسع " أن يكون الحصة معينة مشاعة فلا تصح مع عدم تعيينها إذا لم يكن هناك انصراف كما لا تصح إذا لم تكن مشاعة بأن يجعل لاحدهما مقدارا معينا و البقية للاخر نعم لا يبعد جواز أن يجعل لاحدهما أشجارا معلومة و للاخر أخرى بل و كذا لو اشترط اختصاص أحدهما بأشجار معلومة و الاشتراك في البقية أو اشترط لاحدهما مقدار معين مع الاشتراك في البقية إذا علم كون الثمر أزيد من ذلك المقدار و أنه تبقي بقية " العاشر " تعيين ما على المالك من الامور و ما على العامل من الاعمال إذا لم يكن هناك انصراف .( 1 مسألة ) : لا إشكال في صحة المساقات قبل ظهور الثمر كما لا خلاف في عدم صحتها بعد البلوغ و الادراك بحيث لا يحتاج إلى عمل الحفظ و الاقتطاف و اختلفوا في صحتها إذا كان بعد الظهور قبل البلوغ و الاقوى كما اشرنا إليه صحتها سواء كان العمل مما يوجب الاستزادة أو لا خصوصا إذا كان في جملتها بعض الاشجار التي بعد لم يظهر ثمرها .( 2 مسألة ) : الاقوى جواز المساقات على الاشجار التي لا ثمر لها و إنما ينتفع بورقها كالتوت و الحناء و نحوهما .( 3 مسألة ) : لا يجوز عندهم المساقات على أصول ثابتة كالبطيخ و البادنجان و القطن و قصب السكر و نحوها و إن تعددت اللقطات فيها كالاولين و لكن لا يبعد الجواز للعمومات و إن لم يكن من المساقات المصطلحة بل لا يبعد الجواز في مطلق الزرع كذلك فان مقتضى العمومات الصحة بعد كونه من المعاملات العقلائية و لا يكون من المعاملا ت الغررية عندهم غاية الامر أنها ليست من المساقات المصطلحة .( 4 مسألة ) : لا بأس بالمعاملة على أشجار لا تحتاج إلى السقي لاستغنائها بماء السماء أو لمص أصولها من رطوبات الارض و إن احتاجت إلى اعمال اخر و لا يضر عدم صدق المساقات حينئذ فان هذه اللفظة لم يرد في خبر من الاخبار و إنما هى من اصطلاح العلماء و هذا التعبير منهم مبنى على الغالب و لذا قلنا بالصحة إذا كانت المعاملة بعد ظهور الثمر و استغنائها من السقي و إن ضويق نقول بصحتها و إن لم تكن من المساقات المصطلحة .( 5 مسألة ) : يجوز المساقات على فسلان مغروسة و إن لم تكن مثمرة إلا بعد سنين بشرط تعيين مدة تصير مثمرة فيها و لو بعد خمس سنين أو أزيد .( 6 مسألة ) : قد مر أنه لا تصح المساقات على ودي مغروس لكن الظاهر جواز إدخاله في المعاملة على الاشجار المغروسة بأن يشترط على العامل غرسه في البستان المشتمل على النخيل و الاشجار و دخوله في المعاملة بعد أن يصير مثمرا بل مقتضى العمومات صحة المعاملة على الفسلان الغير المغروسة إلى مدة تصير مثمرة و إن لم تكن من المساقات المصطلحة .( 7 مسألة ) : المساقات لازمة لا تبطل إلا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط أو تخلف بعض الشروط أو بعروض مانع عام موجب للبطلان أو نحو ذلك .( 8 مسألة ) : لا تبطل بموت احد الطرفين فمع موت المالك ينتقل الامر إلى وارثه و مع موت العامل يقوم مقامه وارثه لكن لا يجبر على العمل فان اختار العمل بنفسه أو بالاستيجار فله و إلا فيستأجر الحاكم من تركته من يباشره إلى بلوغ الثمر ثم يقسم بينه و بين المالك نعم لو كانت المساقات مقيدة بمباشرة العامل تبطل بموته و لو اشترط عليه المباشرة لا بنحو التقييد فالمالك مخير بين الفسخ لتخلف الشرط و إسقاط حق الشرط و الرضا باستيجار من يباشر .( 9 مسألة ) : ذكروا أن مع إطلاق عقد المساقات جملة من الاعمال على العامل و جملة منها على المالك و ضابط الاولى ما يتكرر كل سنة و ضابط الثانية ما لا يتكرر نوعا و إن عرض له التكرر في بعض الاحوال فمن الاول إصلاح الارض بالحفر فيما يحتاج إليه و ما يتوقف عليه من الآلات و تنقية الانهار و السقي و مقدماته كالدلو و الرشا و إصلاح طريق الماء و استقائه إذا كان السقي من بئر أو نحوه و إزالة الحشيش المضرة و تهذيب جرائد النخل و الكرم و التلقيح و اللقاط و التشميس و إصلاح موضعه و حفظ الثمرة إلى وقت القسمة و من الثاني حفر الآبار و الانهار و بناء الحائط و الدولاب و الدالية و نحو ذلك مما لا يتكرر نوعا و اختلفوا في بعض الامور أنه على المالك أو العامل مثل البقر الذي يدير الدولاب و الكش للتلقيح و بناء الثلم و وضع الشوك على الجدران و غير ذلك و لا دليل على شيء من الضابطين فالأَقوى أنه إن كان هناك انصراف في كون شيء على العامل أو المالك فهو المتبع و إلا فلا بد من ذكر ما يكون على كل منهما رفعا للغرر و مع الاطلاق و عدم الغرر يكون عليهما معا لان المال مشترك بينهما فيكون ما يتوقف عليه تحصيله عليهما .( 10 مسألة ) : لو اشترطا كون جميع الاعمال على المالك فلا خلاف بينهم في البطلان لانه خلاف وضع المساقات نعم لو أبقى العامل شيئا من العمل عليه و اشترط كون الباقى على المالك فان كان مما يوجب زيادة الثمرة فلا إشكال في صحته و إن قيل بالمنع من جواز جعل العمل على المالك و لو بعضا منه و إلا كما في الحفظ و نحوه ففى صحته قولان أقواهما الاول و كذا الكلام إذا كان إيقاع عقد المساقات بعد بلوغ الثمر و عدم بقاء عمل إلا مثل الحفظ و نحوه و إن كان الظاهر في هذه الصورة عدم الخلاف في بطلانه كما مر .( 11 مسألة ) : إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الاعمال فان لم يفت وقته فللمالك إجباره على العمل و إن لم يمكن فله الفسخ و إن فات وقته فله الفسخ بخيار تخلف الشرط و هل له أن لا يفسخ و يطالبه بأجرة العمل بالنسبة إلى حصته بمعنى أن يكون مخيرا بين الفسخ و بين المطالبة بالاجرة وجهان بل قولان أقواهما ذلك و دعوى أن الشرط لا يفيد تمليك العمل المشروط لمن له على وجه يكون من أمواله بل أقصاه التزام من عليه الشرط بالعمل و إجباره عليه و التسلط على الخيار بعدم الوفاء به مدفوعة بالمنع من عدم إفادته التمليك و كونه قيدا في المعاملة لا جزءا من العوض يقابل بالمال لا ينافى إفادته لملكية من له الشرط إذا كان عملا من الاعمال على من عليه و المسألة سيالة في ساير العقود فلو شرط في عقد البيع على المشترى مثلا خياطة ثوب في وقت معين وفات الوقت فللبايع الفسخ أو المطالبة بأجرة الخياطة و هكذا ( 12 مسألة ) : لو شرط العامل على المالك أن يعمل غلامه معه صح أما لو شرط أن يكون تمام العمل على غلام المالك فهو كما لو شرط ان يكون تمام العمل على المالك و قد مر عدم الخلاف في بطلانه لمنافاته لمقتضى وضع المساقات و لو شرط العامل على المالك أن يعمل غلامه في البستان الخاص بالعامل فلا ينبغى الاشكال في صحته و إن كان ربما يقال بالبطلان بدعوى أن عمل الغلام في قبال عمل العامل فكأنه صار مساقيا بلا عمل منه و لا يخفى ما فيها و لو شرطا أن يعمل غلام المالك للعامل تمام عمل المساقات بأن يكون عمله له بحيث يكون كأنه هو العامل ففى صحته وجهان لا يبعد الاول لان الغلام حينئذ كأنه نايب عنه في العمل باذن المالك و إن كان لا يخلو عن إشكال مع ذلك و لازم القول بالصحة في صورة اشتراط تمام العمل على المالك بعنوان النيابة عن العامل .( 13 مسألة ) : لا يشترط أن يكون العامل في المساقات مباشرا للعمل بنفسه فيجوز له أن يستأجر في بعض أعمالها أو في تمامها و يكون عليه الاجرة و يجوز أن يشترط كون اجرة بعض الاعمال على المالك و القول بالمنع لا وجه له و كذا يجوز أن يشترط كون الاجرة عليهما معا في ذمتهما أو الاداء من الثمر و أما لو شرط على المالك أن يكون اجرة تمام الاعمال عليه أو في الثمر ففى صحته وجهان : " أحدهما " الجواز لان التصدي لاستعمال الاجراء نوع من العمل و قد تدعو الحاجة إلى من يباشر ذلك لمعرفته بالآحاد من الناس و أمانتهم و عدمها و المالك ليس له معرفة بذلك و " الثاني " المنع لانه خلاف وضع المساقات و الاقوى الاول هذا و لو شرطا كون الاجرة حصة مشاعة من الثمر بطل للجهل بمقدار مال الاجارة فهي باطلة .( 14 مسألة ) : إذا شرطا انفراد أحدهما بالثمر بطل العقد و كان جميعه للمالك و حينئذ فان شرطا انفراد العامل به استحق اجرة المثل لعمله و إن شرطا انفراد المالك به لم يستحق العامل شيئا لانه حينئذ متبرع بعمله .( 15 مسألة ) : إذا اشتمل البستان على أنواع كالنخل و الكرم و الرمان و نحوها من أنواع الفواكة فالظاهر عدم اعتبار العلم بمقدار كل واحد فيجوز المساقات عليها بالنصف أو الثلث أو نحوهما و إن يعلم عدد كل نوع إلا إذا كان الجهل بها موجبا للغرر .( 16 مسألة ) : يجوز أن يفرد كل نوع بحصة مخالفة للحصة من النوع الاخر كان يجعل النخل بالنصف و الكرم بالثلث و الرمان بالربع مثلا و هكذا و اشترط بعضهم في هذه الصورة العلم بمقدار كل نوع و لكن الفرق بين هذه و صورة اتحاد الحصة في الجميع واضح و الاقوى الصحة مع عدم الغرر في الموضعين و البطلان