متعته ثم تبدو له حاجة فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض المنازل ، قال عليه السلام : يرجع إلى مكة بعمرة إن كان في الشهر الذي تمتع فيه ، لان لكل شهر عمرة ، و هو مرتهن بالحج ، الخ .و حينئذ فيكون الحكم بالاحرام إذا رجع بعد شهر على وجه الاستحباب لا الوجوب ، لان العمرة التي هى وظيفة كل شهر ليست واجبة ، لكن في جملة من الاخبار كون المدار على الدخول في شهر الخروج أو بعده كصحيحتي حماد و حفص بن البخترى و مرسلة الصدوق و الرضوى ، و ظاهرها الوجوب إلا أن تحمل على الغالب من كون الخروج بعد العمرة بلا فصل ، لكنه بعيد ، فلا يترك الاحتياط بالاحرام إذا كان الدخول في شهر الخروج ، بل القدر المتيقن من جواز الدخول محلا صورة كونه قبل مضى شهر من حين الاهلال ، أى الشروع في إحرام العمرة و الاحلال منها ، و من حين الخروج ، إذ الاحتمالات في الشهر ثلاثة و ثلاثين يوما من حين الاهلال ، و ثلاثين من حين الاحلال بمقتضى خبر إسحاق بن عمار ، و ثلاثين من حين الخروج بمقتضى هذه الاخبار ، بل من حيث احتمال كون المراد من الشهر في الاخبار هنا و الاخبار الدالة على أن لكل شهر عمرة الاشهر الاثنى عشر المعروفة ، لا بمعنى ثلاثين يوما ، و لازم ذلك أنه إذا كانت عمرته في آخر شهر من هذه الشهور فخرج و دخل في شهر آخر أن يكون عليه عمرة الاولى مراعاة الاحتياط من هذه الجهة أيضا ، و ظهر مما ذكرنا أن الاحتمالات ستة : كون المدار على الاهلال ، أو الاحلال ، أو الخروج ، و على التقادير ، الشهر بمعنى ثلاثين يوما أو أحد الاشهر المعروفة ، و على أي حال إذا ترك الاحرام مع الدخول في شهر آخر و لو قلنا بحرمته لا يكون موجبا لبطلان عمرته السابقة فيصح حجه بعدها ، ثم إن عدم جواز الخروج على القول به إنما هو في حال الضرورة ، بل مطلق الحاجة ، و أما مع الضرورة أو الحاجة مع كون الاحرام بالحج ممكن أو حرجا عليه فلا إشكال فيه ، و أيضا الظاهر اختصاص المنع على القول به بالخروج إلى المواضع البعيدة فلا بأس بالخروج إلى فرسخ أو فرسخين بل يمكن أن يقال باختصاصه بالخروج إلى خارج الحرم ، و إن كان الاحوط خلافه ثم الظاهر أنه لا فرق في المسألة بين الحج الواجب و المستحب ، فلو نوى التمتع مستحبا ثم أتى بعمرته يكون مرتهنا بالحج ، و يكون حاله في الخروج محرما أو محلا ، و الدخول كذلك ، كالحج الواجب ، ثم إن سقوط وجوب الاحرام عمن خرج محلا و دخل قبل شهر مختص بما إذا أتى بعمرة بقصد التمتع ، و أما من لم يكن سبق منه عمرة فيلحقه حكم من دخل مكة في حرمة دخوله بغير الاحرام إلا مثل الحطاب و الحشاش و نحوهما ، و أيضا سقوطه إذا كان بعد العمرة قبل شهر إنما هو على وجه الرخصة بناء على ما هو الاقوى من عدم اشتراط فصل شهر بين العمرتين فيجوز الدخول بإحرام قبل الشهر أيضا ، ثم إذا دخل بإحرام فهل عمرة التمتع هى العمرة الاولى أو الاخيرة مقتضى حسنة حماد أنها الاخيرة المتصلة بالحج ، و عليه لا يجب فيها طواف النساء ، و هل يجب حينئذ في الاولى أو لا ؟ وجهان أقواهما نعم و الاحوط الاتيان بطواف مردد بين كونه للاولى أو الثانية ، ثم الظاهر أنه لا إشكال في جواز الخروج في أثناء عمرة التمتع قبل الاحلال منها .( 3 مسألة ) : لا يجوز لمن وظيفته التمتع أن يعدل إلى غيره من القسمين الاخيرين اختيارا ، نعم إن ضاق وقته عن إتمام العمرة و إدراك الحج جاز له نقل النية إلى الافراد ، و أن يلاتى بلعمره بعد الحج بلا خلاف و لا أشكال و انما الكلام في الضيق المسوغ لذالك ، و اختلفوا فيه على أقوال : أحدها : خوف فوات الاختياري من وقوف عرفة .الثاني : فوات الركن من الوقوف الاختياري و هو المسمى منه .الثالث : فوات الاضطرارى منه .الرابع : زوال يوم التروية .الخامس : غروبه .السادس : زوال يوم عرفة .السابع : التخيير بعد زوال يوم التروية بين العدول و الاتمام إذا لم يخف الفوت و المنشأ اختلاف الاخبار فانها مختلفة أشد الاختلاف ، و و الاقوى أحد القولين ألاولين ، لجملة مستفيضة من تلك الاخبار فانها يستفاد منها على اختلاف ألسنتها أن المناط في الاتمام عدم خوف فوت الوقوف بعرفة ." منها " قوله عليه السلام في رواية يعقوب بن شعيب الميثمي : لا بأس للمتمتع إن لم يحرم من ليلة التروية متى ما تيسر له ما لم يخف فوات الموقفين ، و في نسخة : لا بأس للمتمتع أن يحرم ليلة عرفة الخ م و أما الاخبار المحددة بزوال يوم التروية أو بغروبه أو بليلة عرفة أو سحرها فمحمولة على صورة عدم إمكان الادراك إلا قبل هذه الاوقات ، فإنه مختلف باختلاف الاوقات و الاحوال و الاشخاص ، و يمكن حملها على التقية إذا لم يخرجوا مع الناس يوم التروية ، و يمكن كون الاختلاف لاجل التقية كما في أخبار الاوقات للصلوات ، و ربما تحمل على تفاوت مراتب أفراد المتعة في الفضل بعد التخصيص بالحج المندوب فإن أفضل أنواع التمتع أن تكون عمرته قبل ذي الحجة ، ثم ما تكون عمرته قبل يوم التروية ، ثم ما يكون قبل يوم عرفة ، مع أنا لو أغمضنا عن الاخبار من جهة شدة اختلافها و تعارضها نقول : مقتضى القاعدة هو ما ذكرنا ، لان المفروض أن الواجب عليه هو التمتع ، فما دام ممكنا لا يجوز العدول عنه ، و القدر المسلم من جواز العدول صورة عدم إمكان إدراك الحج ، و اللازم إدراك الاختياري من الوقوف ، فإن كفاية الاضطرارى منه خلاف الاصل ، يبقى الكلام في ترجيح أحد القولين الاولين و لا يبعد رجحان أولهما ، بناء على كون الواجب استيعاب تمام ما بين الزوال و الغروب بالوقوف ، و إن كان الركن هو المسمى ، و لكن مع ذلك لا يخلو عن إشكال ، فإن من جملة الاخبار مرفوع سهل عن أبى عبد الله عليه السلام في متمتع دخل يوم عرفة ، قال : متعته تامة إلى أن يقطع الناس تلبيتهم ، حيث إن قطع التلبية بزوال يوم عرفة ، و صحيحة جميل : المتمتع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة ، و له الحج إلى زوال الشمس من يوم النحر .و مقتضاهما كفاية إدراك مسمى الوقوف الاختياري ، فإن من البعيد إتمام العمرة قبل الزوال من عرفة و إدراك الناس في أول الزوال بعرفات ، و أيضا يصدق إدراك الموقف إذا أدركهم قبل الغروب إلا أن يمنع الصدق فإن المنساق منه إدراك تمام الواجب .و يجاب عن المرفوعة و الصحيحة بالشذوذ كما ادعى ، و قد يؤيد القول الثالث و هو كفاية إدراك الاضطرارى من عرفة بالاخبار الدالة على أن من يأتى بعد إفاضة الناس من عرفات و أدركها ليلة النحر تم حجه ، و فيه أن موردها ما نحن فيه و هو عدم الادراك من حيث هو ، و فيما نحن فيه يمكن الادراك ، و المانع كونه في أثناء العمرة فلا يقاس بها ، نعم لو أتم عمرته في سعة الوقت ثم اتفق أنه لم يدرك الاختياري من الوقوف كفاه الاضطرارى ، و دخل في مورد تلك الاخبار ، بل لا يبعد دخول من اعتقد سعة الوقت فأتم عمرته ثم بان كون الوقت مضيقا في تلك الاخبار ، ثم إن الظاهر عموم حكم المقام بالنسبة إلى الحج المندوب و شمول الاخبار له ، فلو نوى التمتع ندبا و ضاق وقته عن إتمام العمرة بعده إشكال و الاقوى عدم وجوبها ، و لو علم من وظيفته التمتع ضيق الوقت عن إتمام العمرة و إدراك الحج قبل أن يدخل في العمرة هل يجوز له العدول من الاول إلى الافراد ؟ فيه إشكال ، و إن كان بعيد و لو دخل في العمرة بنية التمتع في سعة الوقت و أخر الطواف و السعي متعمدا إلى ضيق الوقت ففى جواز العدول و كفايته إشكال و الاحوط العدول و عدم الاكتفاء إذا كان الحج واجبا عليه .( 4 مسألة ) : اختلفوا في الحائض و النفساء إذا ضاق وقتهما عن الطهر و إتمام العمرة و إدراك الحج على أقوال : أحدها : أن عليهما العدول إلى الافراد و الاتمام ، ثم الاتيان بعمرة بعد الحج لجملة من الاخبار .الثاني : ما عن جماعة من أن عليهما ترك الطواف ، و الاتيان بالسعى ، ثم الاحلال و إدراك الحج و قضاء طواف العمرة بعده ، فيكون عليهما الطواف ثلاث مرات ، مرة لقضاء طواف العمرة ، و مرة للحج ، و مرة للنساء ، و يدل على ما ذكروه أيضا جملة من الاخبار .الثالث : ما عن الاسكافي و بعض متأخري المتأخرين من التخيير بين الامرين للجمع بين الطائفتين بذلك .الرابع : التفصيل بين ما إذا كانت حائضا قبل الحرام فتعدل .أو كانت طاهرا حال الشروع فيه ثم طرأ الحيض في الا ثناء فتترك الطواف و تتم العمرة و تقضى بعد الحج ، اختاره بعض بدعوى أنه مقتضى الجمع بين الطائفتين ، بشهادة خبر أبى بصير سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : في المرأة المتمتعة إذا أحرمت و هي طاهر ثم حاضت قبل أن تقضى متعتها سعت و لم تطف حتى تطهر ، ثم تقضى طوافها و قد قضت عمرتها ، و إن أحرمت و هي حائض لم تسع و لم تطف حتى تطهر .و في الرضوي عليه السلام : إذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم إلى قوله عليه السلام : و إن طهرت بعد الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها ، فتجعلها حجة مفردة ، و إن حاضت بعد ما أحرمت سعت بين الصفا و المروة و فرغت من المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ، فإذا طهرت قضت الطواف بالبيت و هي متمتعة بالعمرة إلى الحج ، و عليها طواف الحج و طواف العمرة و طواف النساء .و قيل في توجيه الفرق بين الصورتين : أن في الصورة الاولى لم تدرك شيئا من أفعال العمرة طاهرا فعليها العدول إلى الافراد ، بخلاف الصورة الثانية فإنها أدركت بعض أفعالها طاهرا فتبنى عليها و تقضى الطواف بعد الحج ، و عن المجلسي في وجه الفرق ما محصله : أن في الصورة الاولى لا تقدر على نية العمرة لانها تعلم أنها لا تطهر للطواف و إدراك الحج ، بخلاف الصورة الثانية ، فإنها حيث كانت طاهرة وقعت منها النية و الدخول فيها .الخامس : ما نقل عن بعض من أنها تستنيب للطواف ثم تتم العمرة و تأتي بالحج ، لكن لم يعرف قائله و الاقوى من هذه الاقوال هو القول الاول للفرقة الاولى من الاخبار التي هى أرجح من الفرقة الثانية لشهرة العمل بها دونها ، و أما القول الثالث و هو التخيير فإن كان المراد منه الواقعي بدعوى كونه مقتضى الجمع بين الطائفتين ففيه أنهما يعدان من المتعارضين ، و العرف لا يفهم التخيير منهما ، و الجمع الدلالي فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك ، و إن كان المزاد التخيير الظاهرى العملي ، فهو مكافئة الفرقتين ، و المفروض أن الفرقة الاولى أرجح من حيث شهرة العمل بها ، و أما التفصيل المذكور فموهون بعدم العمل ، مع أن بعض أخبار القول الاول ظاهر في صورة كون الحيض بعد الدخول في الاحرام ، نعم لو فرض كونها حائضا حال الاحرام و عالمة بأنها لا تطهر لادراك الحج يمكن أن يقال : يتعين عليها العدول إلى الافراد من الاول ، لعدم فائدة في الدخول في العمرة ، ثم العدول إلى الحج ، و أما القول الخامس فلا وجه له و لا له قائل معلوم .( 5 مسألة ) : إذا حدث الحيض و هي في أثناء طواف عمرة التمتع فإن كان قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافه على الاقوى ، و حينئذ فإن كان الوقت موسعا أتمت عمرتها بعد الطهر ، و إلا فلتعدل إلى حج الافراد ، و تأتي بعمرة مفردة بعده ، و إن كان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع الطواف ، و بعد الطهر تأتي بالثلاثة الاخرى و تسعى و تقصر مع سعة الوقت ، و مع ضيقه تأتي بالسعي و تقصر ثم تحرم للحج و تأتي بأفعاله ثم تقضى بقية طوافها قبل طواف الحج أو بعده ، ثم تأتي ببقية أعمال الحج ، و حجها صحيح تمتعا ، و كذا الحال إذا حدث الحيض بعد الطواف و قبل صلاته .( 10 فصل في المواقيت ) و هي المواضع المعينة للاحرام ، أطلقت عليها مجازا أو حقيقة متشرعية ، و المذكور منها في جملة من الاخبار خمسة ، و في بعضها ستة ، و لكن المستفاد من مجموع الاخبار أن المواضع التي يجوز الاحرام منها عشرة : أحدها : ذو الحليفة ، و هي ميقات أهل المدينة و من يمر على طريقهم ، و هل هو مكان فيه مسجد الشجرة أو نفس المسجد ؟ قولان و في جملة من الاخبار أنه هو الشجرة ، و فى بعضها أنه مسجد الشجرة و على أى حال فالأَحوط الاقتصار على المسجد إذ مع كونه هو المسجد فواضح ، و مع كونه مكانا فيه المسجد فاللازم حمل الطلق على المقيد ، لكن مع ذلك الاقوى جواز الاحرام من خارج المسجد و لو اختيارا ، و إن قلنا : إن ذا الحليفة هو المسجد ، و ذلك لانه مع الاحرام من جوانب المسجد يصدق الاحرام منه عرفا ، إذ فرق بين الامر بالاحرام من المسجد ، أو بالاحرام فيه ، هذا مع إمكان دعوى أن المسجد حد للاحرام فيشمل جانبيه مع محاذاته ، و إن شئت فقل المحاذاة كافية و لو مع القرب من الميقات ، ( 1 مسألة ) : الاقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة و هي ميقات أهل الشام اختيارا ، نعم يجوز مع الضرورة لمرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع ، لكن خصها بعضهم بخصوص المرض و الضعف لوجودهما في الاخبار فلا يلحق بهما غيرهما من الضرورات ، و الظاهر إرادة المثال فالأَقوى جوازه مع مطلق الضرورة .( 2 مسألة ) : يجوز لاهل المدينة و من أتاها ، العدول إلى ميقات آخر كالجحفة أو العقيق ، فعدم جواز التأخير إلى الجحفة إنما هو إذا مشى من طريق ذي الحليفة ، بل الظاهر أنه لو أتى إلى ذي الحليفة ثم أراد الرجوع منه و المشي من طريق آخر جاز ، بل يجوز أن يعدل عنه من رجوع ، فإن الذي لا يجوز هو التجاوز عن الميقات محلا ، و إذا عدل إلى طريق آخر لا يكون مجاوزا ، و إن كان ذلك و هو في ذي الحليفة ، و ما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد من المنع عن العدول إذا أتى المدينة مع ضعفه منزل على الكراهة .( 3 مسألة ) : الحائض تحرم خارج المسجد على المختار ، و يدل عليه مضافا إلى ما مر مرسلة يونس في كيفية إحرامها و لا تدخل المسجد و تهل بالحج بغير صلاة ، و أما على القول بالاختصاص بالمسجد فمع عدم إمكان صبرها إلى أن تطهر تدخل المسجد و تحرم في حال الاجتياز إن أمكن ، و إن لم يمكن لزحم أو غيره أحرمت خارج المسجد و جددت في الجحفة أو محاذاتها .( 4 مسألة ) : إذا كان جنبا و لم يكن عنده ماء جاز له أن يحرم خارج المسجد ، و الاحوط أن يتيمم للدخول و الاحرام ، و يتعين ذلك