بسم الله الرحمن الرحيم ( 1 فصل ) من أركان الدين الحج ، و هو واجب على كل من استجمع الشرائط الآتية من الرجال و النساء و الخناثي بالكتاب و السنة و الاجماع من جميع المسلمين .بل بالضرورة ، و منكره في سلك الكافرين و تاركه عمدا مستخفا به بمنزلهم ، و تركه من استخفاف من الكبائر ، و لا يجب في أصل الشرع إلا مرة واحدة في تمام العمر ، و هو المسمى بحجة الاسلام ، أى الحج الذي بني عليه الاسلام ، مثل الصلاة و الصوم و الخمس و الزكاة ، و ما نقل عن الصدوق في العلل من وجوبه على أهل الجدة كل عام على فرض ثبوته شاذ مخالف للاجماع و الاخبار ، و لا بد من حمله على بعض المحامل ، كالاخبار الواردة بهذا المضمون من إرادة الاستحباب المؤكد ، أو الوجوب على البدل بمعنى أنه يجب عليه في عامه ، و إذا تركه ففى العام الثاني و هكذا ، و يمكن حملها على الوجوب الكفائي ، فإنه لا يبعد وجوب الحج كفاية على كل أحد في كل عام إذا كان متمكنا بحيث لا تبقي مكة خالية عن الحجاج ، لجملة من الاخبار الدالة على أنه لا يجوز تعطيل الكعبة عن الحج ، و الاخبار الدالة على أن على الامام كما في بعضها و على الوالي كما في آخر أن يجبر الناس على الحج و المقام في مكة و زيارة الرسول صلى الله عليه و آله ، و المقام عنده ، و انه إن لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت المال .( 1 مسألة ) : لا خلاف في أن وجوب الحج بعد تحقق الشرائط فورى ، بمعنى أنه يجب المبادرة إليه في العام الاول من الاستطاعة ، فلا يجوز تأخيره عنه ، و إن تركه فيه ففى العام الثاني و هكذا ، و يدل عليه جملة من الاخبار ، فلو خالف و أخر مع وجود الشرائط بلا عذر يكون عاصيا ، بل لا يبعد كونه كبيرة ، كما صرح به جماعة و يمكن استفادته من جملة الاخبار .( 2 مسألة ) : لو توقف إدراك الحج بعد حصول الاستطاعة على مقدمات من السفر و تهيئة أسبابه وجب المبادرة إلى إتيانها على وجه يدرك الحج في تلك السنة ، و لو تعددت الرفقة و تمكن من المسير مع كل منهم اختار أو ثقهم سلامة و إدراكا ، و لو وجدت واحدة و لم يعلم حصول اخرى أو لم يعلم التمكن من المسير و الادراك للحج بالتأخير فهل يجب الخروج مع الاولى ، أو يجوز التأخير إلى الاخرى بمجرد احتمال الادراك ، أو لا يجوز مع الوثوق ؟ أقوال ، أقواها الاخير ، و على أي تقدير إذا لم يخرج مع الاولى و اتفق عدم التمكن من المسير أو عدم إدراك الحج بسبب التأخير استقر عليه الحج و إن لم يكن آثما بالتأخير ، لانه كان متمكنا من الخروج مع الاولى إلا إذا تبين عدم إدراكه لو سار معهم أيضا .( 2 فصل ) في شرائط وجوب حجة الاسلام و هي امور : أحدها : الكمال بالبلوغ و العقل ، فلا يجب على الصبي و إن كان مراهقا ، و لا على المجنون و إن كان أدواريا إذا لم يف دور إفاقته بإتيان تمام الاعمال .و لو حج ألصبي لم يجز عن حجة الاسلام ، و إن قلنا بصحة عباداته و شرعيتها كما هو الاقوى ، و كان واجدا لجميع الشرائط سوى البلوغ ، ففى خبر مسمع عن الصادق عليه السلام لو أن غلاما حج عشر حجج ثم احتلم كان عليه فريضة الاسلام ، و فى خبر إسحاق بن عمار عن أبى الحسن عليه السلام عن ابن عشر سنين ، يحج ؟ قال عليه السلام : عليه حجة الاسلام إذا احتلم ، و كذا الجارية عليها الحج إذا طمثت .( 1 مسألة ) : يستحب للصبي المميز أن يحج و إن لم يكن مجزيا عن حجة الاسلام ، و لكن هل يتوقف ذلك على إذن الولى أو لا ؟ المشهور بل قيل : لا خلاف فيه ، أنه مشروط بإذنه ، لاستتباعه المال في بعض الاحوال للهدي و للكفارة ، و لانه عبادة متلقاة من الشرع مخالف للاصل فيجب الاقتصار فيه على المتيقن ، و فيه إنه ليس تصرفا ماليا ، و إن كان ربما يستتبع المال ، و أن العمومات كافية في صحته و شرعيته مطلقا ، فالأَقوى عدم الاشتراط في صحته و إن وجب الاستيذان في بعض الصور ، و أما البالغ فلا يعتبر في حجه المندوب إذن الابوين إن لم يكن مستلزما للسفر المشتمل على الخطر الموجب لاذيتهما ، و أما في حجه الواجب فلا إشكال ( 2 مسألة ) : يستحب للولي أن يحرم بالصبي الغير المميز بلا خلاف ، لجملة من الاخبار ، بل و كذا الصبية ، و إن استشكل فيها صاحب المستند ، و كذا المجنون و إن كان لا يخلو عن إشكال لعدم نص فيه بالخصوص فيستحق الثواب عليه ، و المراد بالاحرام به جعله محرما ، لا أن يحرم عنه ، فيلبسه ثوبي الاحرام و يقول : " أللهم إنى أحرمت هذا الصبي " الخ ، و يأمره بالتلبية ، بمعنى أن يلقنه إياها ، و إن لم يكن قابلا يلبى عنه ، ( و بجنبه عن كل ما يجب على المحرم الاجتناب عنه و يأمره بكل من أفعال الحج يتمكن منه و ينوب عنه .) في كل ما لا يتمكن ، و يطوف به ، و يسعى به بين الصفا و المروة و يقف به في عرفات و منى ، و يأمره بالرمي و إن لم يقدر يرمى عنه ، و هكذا يأمره بصلاة الطواف ، و إن لم يقدر يصلى عنه و لا بد من أن يكون طاهرا و متوضئا و لو بصورة الوضوء و إن لم يمكن فيتوضأ هو عنه ، و يحلق رأسه ، و هكذا جميع الاعمال .( 3 مسألة ) لا يلزم كون الولى محرما في الاحرام بالصبي ، بل يجوز له ذلك و إن كان محلا .( 4 مسألة ) : المشهور على أن المراد بالولي في الاحرام بالصبي الغير المميز الولى الشرعي من الاب و الجد و الوصي لاحدهما و الحاكم و أمينه أو وكيل أحد المذكورين ، لا مثل العم و الخال و نحوهما و الاجنبى ، نعم ألحقوا بالمذكورين الام و إن لم تكن وليا شرعيا للنص الخاص فيها ، قالوا : لان الحكم على خلاف القاعدة فاللازم الاقتصار على المذكورين فلا يترتب أحكام الاحرام إذا كان المتصدي غيرهم ، و لكن لا يبعد كون المراد الاعم منهم و ممن يتولى أمر الصبي و يتكفله و إن لم يكن وليا شرعيا ، لقوله عليه السلام " قدموا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مر " الخ فإنه يشمل الولى الشرعي أيضا ، و أما في المميز فاللازم إذن الولى الشرعي إن اعتبرنا في صحة إحرامه الاذن .( 5 مسألة ) : النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الولى لا من مال الصبي إلا إذا كان حفظه موقوفا على السفر به أو يكون السفر مصلحة له ( 6 مسألة ) : الهدى على الولى و كذا كفارة الصيد إذا صاد الصبي ، و أما الكفارات الاخر المختصة بالعمد فهل هى أيضا على الولى ، أو في مال الصبي ، أو لا يجب الكفارة في الصيد ، لان عمد الصبي خطأ ، و المفروض أن تلك الكفارات لا تثبت في صورة الخطاء ؟ وجوه لا يبعد قوة الاخير ، إما لذلك ، و إما لانصراف أدلتها عن الصبي ، لكن الاحوط تكفل الولى .بل لا يترك هذا الاحتياط بل هو الاقوى لان قوله عليه السلام : " عمد الصبي خطأ " مختص بالديات ، و الانصراف ممنوع ، و إلا فيلزم الالتزام به في الصيد أيضا .( 7 مسألة ) : قد عرفت أنه لو حج الصبي عشر مرات لم يجزه عن حجة الاسلام ، بل يجب عليه بعد البلوغ و الاستطاعة ، لكن استثنى المشهور من ذلك ما لو بلغ و أدرك المشعر فإنه حينئذ يجزى عن حجة الاسلام ، بل ادعى بعضهم الاجماع عليه ، و كذا إذا حج المجنون ندبا ثم كمل قبل المشعر ، و استدلوا على ذلك بوجوه : أحدها : النصوص الواردة في العبد على ما سيأتي بدعوى عدم خصوصية للعبد في ذلك ، بل المناط الشروع حال عدم الوجوب ، لعدم الكمال ثم حصوله قبل المشعر ، و فيه إنه قياس ، مع أن لازمه الالتزام به فيمن حج متسكعا ، ثم حصل له الاستطاعة قبل المشعر و لا يقولون به .الثاني : ما ورد من الاخبار من أن من لم يحرم من مكة أحرم من حيث أمكنه ، فإنه يستفاد منها أن الوقت صالح لا نشاء الاحرام ، فيلزم أن يكون صالحا للانقلاب أو القلب بالاولى و فيه ما لا يخفى .الثالث : الاخبار الدالة على أن من أدرك المشعر فقد أدرك الحج ، و فيه أن موردها من لم يحرم فلا يشمل من أحرم سابقا لغير حجة الاسلام ، فالقول بالاجزاء مشكل ، و الاحوط الاعادة بعد ذلك إن كان مستطيعا بل لا يخلو عن قوة ، و على القول بالاجزاء يجرى فيه الفروع الآتية في مسألة العبد ، من أنه هل يجب تجديد النية لحجة الاسلام أو لا ؟ و انه هل يشترط في الاجزاء استطاعته بعد البلوغ من البلد أو من الميقات أو لا ؟ و انه هل يجرى في حج التمتع مع كون العمرة بتمامها قبل البلوغ أو لا ؟ إلى ذلك .( 8 مسألة ) : إذا مشى الصبي إلى الحج فبلغ قبل أن يحرم من الميقات و كان مستطيعا لا إشكال في أن حجه حجة الاسلام .( 9 مسألة ) : إذا حج باعتقاد أنه بالغ ندبا ، فبان بعد الحج أنه كان بالغا ، فهل يجزى عن حجة الاسلام أو لا ؟ وجهان ، أوجههما الاول ، و كذا إذا حج الرجل باعتقاد عدم الاستطاعة بنية الندب ثم ظهر كونه مستطيعا حين الحج .الثاني : من الشروط : الحرية ، فلا يجب على المملوك و إن أذن له مولاه و كان مستطيعا من حيث المال ، بناء على ما هو الاقوى من القول بملكه أو بذل له مولاه الزاد و الراحلة ، نعم لو حج باذن مولاه صح بلا إشكال ، و لكن لا يجزيه عن حجة الاسلام ، فلو أعتق بعد ذلك أعاد ، للنصوص ، منها خبر مسمع : لو أن عبدا حج عشر حجج كانت عليه حجة الاسلام إذا استطاع إلى ذلك سبيلا ، و منها : المملوك إذا حج و هو مملوك أجزأه إذا مات قبل أن يعتق ، فإن أعتق أعاد الحج و ما في خبر حكم بن حكيم : أيما عبد حج به مواليه فقد أدرك حجة الاسلام ، محمول على إدراك ثواب الحج ، أو على أنه يجزيه عنها ما دام مملوكا ، لخبر أبان : العبد إذا حج فقد قضى حجة الاسلام حتى يعتق ، فلا إشكال في المسألة نعم لو حج باذن مولاه ثم انعتق قبل إدراك المشعر أجزأه عن حجة الاسلام بالاجماع و النصوص ، و يبقى الكلام في امور : أحدها : هل يشترط في الاجزاء تجديد النية للاحرام بحجة الاسلام بعد الانعتاق ، فهو من باب القلب أولا بل هو انقلاب شرعي .قولان ، مقتضى إطلاق النصوص الثاني و هو الاقوى ، فلو فرض أنه لم يعلم بانعتاقه حتى فرغ أو علم و لم يعلم الاجزاء حتى يجدد النية كفاه و أجزأه .الثاني : هل يشترط في الاجزاء كونه مستطيعا حين الدخول في الاحرام ، أو يكفى استطاعته من حين الانعتاق ، أو لا يشترط ذلك أصلا ؟ أقوال : أقواها الاخير لاطلاق النصوص و انصراف ما دل على اعتبار الاستطاعة عن المقام .الثالث : هل الشرط في الاجزاء إدراك خصوص المشعر ، سواء أدرك الوقوف بعرفات أيضا أو لا ، أو يكفى إدراك أحد الموقفين ، فلو لم يدرك المشعر ، لكن أدرك الوقوف بعرفات معتقا كفى ، قولان ، الاحوط الاول كما أن الاحوط اعتبار إدراك الاختبارى من المشعر ، فلا يكفى إدراك الاضطرارى منه ، بل الاحوط اعتبار إدراك كلا الموقفين ، و إن كان يكفى الانعتاق قبل المشعر لكن إذا كان مسبوقا بإدراك عرفات أيضا و لو مملوكا .الرابع : هل الحكم مختص بحج الافراد و القران ، أو يجرى في حج التمتع أيضا و إن كانت عمرته بتمامها حال المملوكية ؟ الظاهر الثاني ، لاطلاق النصوص ، خلافا لبعضهم فقال بالاول ، لان إدراك المشعر معتقا إنما ينفع للحج لا للعمرة الواقعة حال المملوكية ، و فيه ما مر من الاطلاق ، و لا يقدح ما ذكره ذلك البعض لانهما عمل واحد ، هذا إذا لم ينعتق إلا في الحج ، و أما إذا انعتق في عمرة التمتع و أدرك بعضها معتقا فلا يرد الاشكال .( 1 مسألة ) : إذا أذن المولى لمملوكه في الاحرام فتلبس به ليس له أن يرجع في إذنه لوجوب الاتمام على المملوك ، و لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، نعم لو أذن له ثم رجع قبل تلبسه به لم يجز له أن يحرم إذا علم برجوعه و إذا لم يعلم برجوعه فتلبس به هل يصح إحرامه و يجب إتمامه ، أو يصح و يكون للمولى حله ، أو يبطل ؟ وجوه أوجهها الاخير ، لان الصحة مشروطة بالاذن المفروض سقوطه بالرجوع ، و دعوى أنه دخل دخولا مشروعا فوجب إتمامه فيكون رجوع المولى كرجوع الموكل قبل التصرف و لم يعلم الوكيل مدفوعة بأنه لا تكفى المشروعية الظاهرية و قد ثبت الحكم في الوكيل بالدليل ، و لا يجوز القياس عليه .( 2 مسألة ) : يجوز للمولى أن يبيع مملوكه المحرم باذنه و ليس للمشتري حل إحرامه ، نعم مع جهله بأنه محرم يجوز له الفسخ مع طول الزمان الموجب لفوات بعض منافعه ( 3 مسألة ) : إذا انعتق العبد قبل المشعر فهديه عليه ، و إن لم يتمكن فعليه أن يصوم ، و إن لم ينعتق كان مولاه بالخيار بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم ، للنصوص و الاجماعات .( 4 مسألة ) : إذا أتى المملوك المأذون في إحرامه بما يوجب الكفارة فهل هى على مولاه ، أو عليه و يتبع بها بعد العتق ، أو تنتقل إلى الصوم فيما فيه الصوم مع العجز ، أو في الصيد عليه ، و فى غيره على مولاه ؟ وجوه أظهرها كونها على مولاه لصحيحة حريز ، خصوصا إذا كان الاتيان بالموجب بأمره أو باذنه ، نعم لو لم يكن مأذونا في الاحرام بالخصوص بل كان مأذونا مطلقا إحراما كان أو غيره لم يبعد كونها عليه ، حملا لخبر عبد الرحمن بن أبى نجران النافي لكون الكفارة في الصيد على مولاه ، على هذه الصورة .( 5 مسألة ) : إذا أفسد المملوك المأذون حجه بالجماع قبل المشعر فكالحر في وجوب الاتمام و القضاء ، و أما البدنة ففى كونها عليه أو على مولاه فالظاهر أن حالها حال سائر الكفارات على ما مر ، و قد مر أن الاقوى كونها على المولى الآذن له في الاحرام ، و هل يجب على المولى تمكينه من القضاء ، لان الاذن في الشيء إذن في لوازمه أولا ، لانه من