بأس به فانه نظير الاقتراض منه امور " أحدها " الايجاب و القبول على ما هو المشهور بينهم حيث عدوها من العقود اللازمة فالإِيجاب من المحيل و القبول من المحتال و أما المحال عليه فليس من أركان العقد و إن اعتبرنا رضاه مطلقا أو إذا كان بريئا فان مجرد اشتراط الرضا منه لا يدل على كونه طرفا و ركنا للمعاملة و يحتمل أن يقال يعتبر قبوله أيضا فيكون العقد مركبا من الايجاب و القبولين و على ما ذكروه يشترط فيها ما يشترط في العقود اللازمة من الموالاة بين الايجاب و القبول و نحوها فلا تصح مع غيبة المحتال أو المحال أو المحال عليه أو كليهما بان أوقع الحوالة بالكتابة و لكن الذي يقوى عندي كونها من الايقاع غاية الامر اعتبار الرضا من المحتال أو منه و من المحال عليه و مجرد هذا لا يصيره عقدا و ذلك لانها نوع من وفاء الدين و إن كانت توجب انتقال الدين من ذمته إلى ذمة المحال عليه فهذا النقل و الانتقال نوع من الوفاء و هو لا يكون عقدا و إن احتاج إلى الرضا من الاخر كما في الوفاء بغير الجنس فانه يعتبر فيه رضى الدائن و مع ذلك إيقاع و من ذلك يظهر أن الضمان أيضا من الايقاع فانه نوع من الوفاء و على هذا فلا يعتبر فيها شيء مما يعتبر في العقود اللازمة و يتحققان بالكتابة و نحوها بل يمكن دعوى أن الوكالة ايضا كذلك كما أن الجعالة كذلك و إن كان يعتبر فيها الرضي من الطرف الاخر ألا ترى أنه لا فرق بين أن يقول أنت مأذون في بيع داري أو قال أنت وكيل مع أن الاول من الايقاع قطعا " الثاني " التنجيز فلا تصح مع التعليق على شرط أو وصف كما هو ظاهر المشهور لكن الاقوى عدم اعتباره كما مال إليه بعض متأخري المتأخرين " الثالث " الرضي من المحيل و المحتال بلا إشكال و ما عن بعضهم من عدم اعتبار رضى المحيل فيما لو تبرع المحال عليه بالوفاء بأن قال للمحتال أحلت بالدين الذي لك على فلان على نفسى و حينئذ فيشترط رضى المحتال و المحال عليه دون المحيل لا وجه له إذ المفروض لا يكون من الحوالة بل هو من الضمان و كذا من المحال عليه إذا كان بريئا أو كانت الحوالة بغير جنس ما عليه و أما إذا كانت بمثل ما عليه ففيه خلاف و لا يبعد التفصيل بين أن يحوله عليه بماله عليه بأن يقول : اعطه من الحق الذي لي عليك فلا يعتبر رضاه فانه بمنزلة الوكيل في وفاء دينه و إن كان بنحو اشتغال ذمته للمحتال و برائة المحيل ذمة بمجرد الحوالة بخلاف ما إذا وكله فان ذمة المحيل مشغولة إلى حين الاداء و بين أن يحوله عليه من نظر إلى الحق الذي له عليه على نحو الحوالة على البرئ فيعتبر رضاه لان شغل ذمته بغير رضاه على خلاف القاعدة و قد يعلل باختلاف الناس في الاقتضاء فلا بد من رضاه و لا يخفى ضعفه كيف و إلا لزم عدم جواز بيع دينه على غيره مع أنه لا إشكال فيه " الرابع " أن يكون المال المحال به ثابتا في ذمة المحيل سواء كان مستقرا أو متزلزلا فلا تصح في الثابت سواء وجد سببه كمال الجعالة قبل العمل و مال السبق و الرماية قبل حصول السبق أو لم يوجد سببه أيضا كالحوالة بما يستقرضه هذا ما هو المشهور لكن لا يبعد كفاية حصول السبب كما ذكرنا في الضمان بل لا يبعد الصحة فيما إذا قال أقرضني كذا و خذ عوضه من زيد فرضى و رضى زيد أيضا لصدق الحوالة و شمول العمومات فتفرغ ذمة المحيل و تشتغل ذمة المحال ، بعد العمل و بعد الاقتراض " الخامس " أن يكون المال المحال به معلوما جنسا و قدرا للمحيل و المحتال فلا تصح الحوالة بالمجهول على المشهور للغرر و يمكن أن يقال بصحته إذا كان آئلا إلى العلم كما إذا كان ثابتا في دفتره على تحد ما مر في الضمان من صحته مع الجهل بالدين بل لا يبعد الجواز مع عدم أوله إلى العلم بعد إمكان الاخذ بالقدر المتيقن بل و كذا لو قال كلما شهدت به البينة و ثبت خذه من فلان نعم لو كان مبهما كما إذا قال احد الدينين اللذين لك علي خذ من فلان بطل و كذا لو قال خذ شيئا من دينك من فلان هذا و لو أحال الدينين على نحو الواجب التخييري أمكن الحكم بصحته لعدم الابهام فيه حينئذ " السادس " تساوي المالين أى المحال به و المحال عليه جنسا و نوعا و وصفا على ما ذكره جماعة خلافا لاخرين و هذا العنوان و إن كان عاما إلا أن مرادهم بقرينة التعليل بقولهم تفصيا من التسلط على المحال عليه بما لم تشتغل ذمته به إذ لا يجب عليه أن يدفع إلا مثل ما عليه فيما كانت الحوالة عل مشغول الذمة بغير ما هو مشغول الذمة به كأن يحيل من له عليه دراهم على من له عليه دنانير بأن يدفع بدل الدنانير دراهم فلا يشمل ما إذا أحال من له عليه الدراهم على البرئ بأن يدفع الدنانير أو على مشغول الذمة بالدنانير بأن يدفع الدراهم و لعله لانه وفاء بغير الجنس برضى الدائن فمحل الخلاف ما إذا أحال على من عليه جنس بغير ذلك الجنس و الوجه في عدم الصحة ما أشير إليه من أنه لا يجب عليه أن يدفع إلا مثل ما عليه و أيضا الحكم على خلاف القاعدة و لا إطلاق في خصوص الباب و لا سيرة كاشفة و العمومات منصرفة إلى العقود المتعارفة و وجه الصحة أن غاية ما يكون أنه مثل الوفاء بغير الجنس و لا بأس به و هذا هو الاقوى ثم لا يخفى أن الاشكال إنما هو فيما إذا قال : أعط مما لي عليك من الدنانير دراهم بأن أحال عليه بالدراهم من الدنانير التي عليه و أما إذا أحال عليه بالدراهم من نظر إلى ما عليه من الدنانير فلا ينبغى الاشكال فيه إذ هو نظير إحالة من له الدراهم على البرئ بأن يدفع الدنانير و حينئذ فتفرغ ذمة المحيل من الدراهم و تشتغل ذمة المحال عليه بها و تبقى ذمة المحال عليه مشغولة بالدنانير و تشتغل ذمة المحيل له بالدراهم فيتحاسبان بعد ذلك و لعل الخلاف ايضا مختص بالصورة الاولى لا ما يشمل هذه الصورة ايضا و على هذا فيختص الخلاف بصورة واحدة و هي ما إذا كانت الحوالة على مشغول الذمة بأن يدفع من طرف ما عليه من الحق بغير جنسه كأن يدفع من الدنانير التي عليه دراهم .( 1 مسألة ) : لا فرق في المال المحال به أن يكون عينا في الذمة أو منفعة أو عملا لا يعتبر فيه المباشرة و لو مثل الصلاة و الصوم و الحج و الزيارة و القراءة سواء كانت على بري أو على مشغول الذمة بمثلها و أيضا لا فرق بين أن يكون مثلبا كالطعام أوقيميا كالعبد و الثوب و القول بعدم الصحة في القيمي للجهالة ضعيف الجهالة مرتفعة بالوصف الرافع لها .( 2 مسألة ) : إذا تحققت الحوالة برئت ذمة المحيل إن لم يبرءه المحتال و القول بالتوقف على إبرائه ضعيف ، و الخبر الدال على تقييد عدم الرجوع على المحيل بالابراء من المحتال المراد منه القبول لا اعتبار ها بعده أيضا و تشتغل ذمه المحال عليه للمحتال فينتقل الدين إلى ذمته و تبرء ذمة المحال عليه للمحيل إن كانت الحوالة بالمثل بقدر المال المحال به و تشتغل ذمة المحيل للمحال عليه إن كانت على بري أو كانت بغير المثل و يتحاسبان بعد ذلك ( 3 مسألة ) : لا يجب على المحتال قبول الحوالة و إن كانت على ملئ .( 4 مسألة ) : الحوالة لازمة فلا يجوز فسخها بالنسبة إلى كل من الثلاثة نعم لو كانت على معسر مع جهل المحتال بإعساره يجوز له الفسخ و الرجوع على المحيل و المراد من الاعسار أن لا يكون له ما يوفى دينه زائدا على مستثنيات الدين و هو المراد من الفقر في كلام بعضهم لا يعتب رفيه كونه محجورا و المناط الاعسار و اليسار حال الحوالة و تماميتها و لا يعتبر الفور في جواز الفسخ و مع إمكان الاقتراض و البناء عليه يسقط الخيار للانصراف على إشكال و كذا مع وجود المتبرع .( 5 مسألة ) : الاقوى جواز الحوالة على البرئ و لا يكون داخلا في الضمان .( 6 مسألة ) : يجوز اشتراط خيار الفسخ لكل من الثلاثة .( 7 مسألة ) : يجوز الدور في الحوالة كذا يجوز الترامى بتعدد المحال عليه و اتحاد المحتال أو بتعدد المحتال و اتحاد المحال عليه .( 8 مسألة ) : لو تبرع أجنبي عن المحال عليه برئت ذمته و كذا لو ضمن عنه ضامن برضى المحتال و كذا لو تبرع المحيل عنه .( 9 مسألة ) : لو أحال فقبل وادي ثم طالب المحيل بما أداه فادعى أنه كان له عليه مال و أنكر المحال عليه فالقول قوله مع عدم البينة فيحلف على برائته و يطالب عوض ما أداه لاصالة البرائة من شغل ذمته للمحيل و دعوى أن الاصل أيضا عدم اشتغال ذمة المحيل بهذا الاداء مدفوعة بأن الشك في حصول اشتغال ذمته و عدمه مسبب عن الشك في اشتغال ذمة المحال عليه و عدمه ، و بعد جريان أصالة برائة ذمته يرتفع الشك هذا على المختار من صحة الحوالة على البرئ و أما على القول بعدم صحتها فيقدم قول المحيل لان مرجع الخلاف إلى صحة الحوالة و عدمها و مع اعتراف المحال عليه بالحوالة يقدم قول مدعى الصحة و هو المحيل و دعوى أن تقديم قول مدعى الصحة إنما هو إذا كان النزاع بين المتعاقدين و هما في الحوالة المحيل و المحتال و أما المحال عليه فليس طرفا و إن اعتبر رضاه في صحتها مدفوعة أولا بمنع عدم كونه طرفا فان الحوالة مركبة من إيجاب و قبولين و ثانيا يكفى اعتبار رضاه في الصحة في جعل اعترافه بتحقق المعاملة حجة عليه بالحمل على الصحة نعم لو لم يعترف بالحوالة بل ادعى أنه أذن له في أداء دينه يقدم قوله لاصالة البرائة من شغل ذمته فباذنه في أداء دينه له مطالبة عوضه و لم يتحقق هنا حوالة بالنسبة إليه حتى تحمل على الصحة و إن تحقق بالنسبة إلى المحيل و المحتال لاعترافهما بها .( 10 مسألة ) : قد يستفاد من عنوان المسألة السابقة حيث قالوا : " أحال عليه فقبل وادي " فجعلوا محل الخلاف ما إذا كان النزاع بعد الاداء أن حال الحوالة حال الضمان في عدم جواز مطالبة العوض إلا بعد الاداء فقبله و إن حصل الوفاء بالنسبة إلى المحيل لكن ذمة المحيل لا تشتغل للمحال عليه البرئ إلا بعد الاداء و الاقوى حصول الشغل بالنسبة إلى المحيل بمجرد قبول المحال عليه إذ كما يحصل به الوفاء بالنسبة إلى دين المحيل بمجرده فكذا في حصوله بالنسبة إلى دين المحال عليه للمحيل إذا كان مديونا له و حصول شغل ذمة المحيل له إذا كان بريئا و مقتضى القاعدة في الضمان ايضا تحقق شغل المضمون عنه للضامن بمجرد ضمانه إلا أن الاجماع و خبر الصلح دلا على التوقف على الاداء فيه ، و في المقام لا إجماع و لا خبر بل لم يتعرضوا لهذه المسألة و على هذا فله الرجوع على المحيل و لو قبل الاداء بل و كذا لو أبرءه المحتال أو وفاه بالاقل أو صالحه بالاقل فله عوض ما أحاله عليه بتمامه مطلقا إذا كان بريئا .( 11 مسألة ) : إذا أحال السيد بدينه على مكاتبه بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة صح سواء كان قبل حلول النجم أو بعده لثبوته في ذمته و القول بعدم صحته قبل الحلول لجواز تعجيز نفسه ضعيف إذ غاية ما يكون كونه متزلزلا فيكون كالحوالة على المشترى بالثمن في زمان الخيار و احتمال عدم اشتغال ذمة العبد لعدم ثبوت ذمة