بسم الله الرحمن الرحيم كتاب المضاربة و تسمى قراضا عند أهل الحجاز ، و الاول من الضرب لضرب العامل في الارض لتحصيل الربح ، و المفاعلة باعتبار كون المالك سببا له و العامل مباشرا ، و الثاني من القرض بمعنى القطع لقطع المالك حصة من ماله و دفعه إلى العامل ليتجر به و عليه العامل مقارض بالبناء للمفعول ، و على الاول مضارب بالبناء للفاعل ، و كيف كان عبارة عن دفع الانسان ما لا إلى غيره ليتجر به على أن يكون الربح بينهما ، لا أن يكون تمام الربح للمالك و لا أن يكون تمامه للعامل ، و توضيح ذلك أن من دفع ما لا إلى غيره للتجارة تارة على أن يكون الربح بينهما و هي مضاربة ، و تارة على أن يكون تمامه للعامل ، و هذا داخل في عنوان القرض إن كان بقصده و تارة على أن يكون تمامه للمالك ، و يسمى عندهم بإسم البضاعة و تارة لا يشترطان شيئا ، و على هذا أيضا يكون تمام الربح للمالك فهو داخل في عنوان البضاعة ، و عليهما يستحق العامل اجرة المثل لعمله إلا أن يشترطا عدمه ، أو يكون العامل قاصدا للتبرع و مع عدم الشرط و عدم قصد التبرع أيضا له أن يطالب الاجرة إلا أن يكون الظاهر منهما في مثله عدم أخذ الاجرة ، و إلا فعمل المسلم محترم ما لم يقصد التبرع ، و يشترط في المضاربة الايجاب و القبول ، و يكفى فيهما كل دال قولا أو فعلا و الايجاب القولي كأن يقول : ضاربتك على كذا و ما يفيد هذا المعنى ، فيقول : قبلت ، و يشترط فيها أيضا بعد البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو جنون أمور : " الاول " أن يكون رأس المال عينا فلا تصح بالمنفعة و لا بالدين ، فلو كان له دين على أحد لم يجز أن يجعله مضاربة إلا بعد قبضه ، و لو أذن للعامل في قبضه ما لم يجدد العقد بعد القبض ، نعم لو وكله على القبض و الايجاب من طرف المالك و القبول منه بأن يكون موجبا قابلا صح ، و كذا لو كان له على العامل دين لم يصح جعله قراضا إلا ان يوكله في تعيينه ، ثم إيقاع العقد عليه بالايجاب و القبول بتولى الطرفين " الثاني " أن يكون من الذهب أو الفضة المسكوكين بسكة المعاملة بأن يكون درهما أو دينارا ، فلا تصح بالفلوس و لا بالعروض بلا خلاف بينهم ، و إن لم يكن عليه دليل سوى دعوى الاجماع ، نعم تأمل فيه بعضهم و هو في محله لشمول العمومات إلا أن يتحقق الاجماع و ليس ببعيد فلا يترك الاحتياط ، و لا بأس بكونه من المغشوش الذي يعامل به مثل الشاميات و القمرى و نحوها نعم لو كان مغشوشا يجب كسره بأن كان قلبا لم يصح و إن كان له قيمة فهو مثل الفلوس ، و لو قال للعامل : بع هذه السلعة و خذ ثمنها قراضا لم يصح إلا أن يوكله في تجديد العقد عليه بعد أن نض ثمنه " الثالث " أن يكون معلوما قدرا أو وصفا و لا يكفى المشاهدة و إن زال به معظم الغرر " الرابع " أن يكون معينا فلو أحضر ما لين و قال : قارضتك بأحدهما أو بأيهما شئت لم ينعقد إلا أن يعين قم يوقعان العقد عليه ، نعم لا فرق بين أن يكون مشاعا أو مفروزا بعد العلم بمقداره و وصفه ، فلو كان المال مشتركا بين شخصين فقال أحدهما للعامل : قارضتك بحصتى في هذا المال صح مع العلم بحصته من ثلث أو ربع ، و كذا لو كان للمالك مائة دينار مثلا فقال : قارضتك بنصف هذا المال صح " الخامس " أن يكون الربح مشاعا بينهما فلو جعل لاحدهما مقدارا معينا و البقية للآخر أن البقية مشتركة بينهما لم يصح ، " السادس " تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك إلا أن يكون هناك متعارف ينصرف إليه الاطلاق " السابع " أن يكون الربح بين المالك و العامل ، فلو شرطا جزءا منه لاجنبي عنهما لم يصح إلا أن يشترط عليه عمل متعلق بالتجارة ، نعم ذكروا أنه لو اشترط كون جزء من الربح لغلام أحدهما صح ، لا بأس به خصوصا على القول بأن العبد لا يملك ، لانه يرجع إلى مولاه ، و على القول الآخر يشكل إلا أنه لما كان مقتضى القاعدة صحة الشرط حتى للاجنبي و القدر المتيقن من عدم الجواز ما إذا لم يكن غلاما لاحدهما فالأَقوى الصحة مطلقا ، بل لا يبعد القول به في الاجنبي أيضا و إن لم يكن عاملا لعموم الادلة " الثامن " ذكر بعضهم أنه يشترط أن يكون رأس المال بيد العامل ، فلو اشترط المالك أن يكون بيده لم يصح ، لكن لا دليل عليه فلا مانع أن يتصدى العامل للمعاملة مع كون المال بيد المالك كما عن التذكرة " التاسع " أن يكون الاسترباح بالتجارة و أما إذا كان بغيرها كأن يدفع إليه ليصرفه في الزراعة مثلا و يكون الربح بينهما يشكل صحته إذ القدر المعلوم من الادلة هو التجارة و لو فرض صحة غيرها للعمومات كما لا يبعد لا يكون داخلا في عنوان المضاربة " العاشر " أن لا يكون رأس المال بمقدار يعجز العامل عن التجارة به ، مع اشتراط المباشرة من دون الاستعانة بالغير أو كان عاجزا حتى مع الاستعانة بالغير و إلا فلا يصح لاشتراط كون العامل قادرا على العمل كما أن الامر كذلك في الاجارة للعمل ، فانه إذا كان عاجزا تكون باطلة ، و حينئذ فيكون تمام الربح للمالك و للعامل اجرة عمله مع جهله بالبطلان ، و يكون ضامنا لتلف المال إلا مع علم المالك بالحال ، و هل يضمن حينئذ جميعه لعدم التميز مع عدم الاذن في أخذه على هذا الوجه ، أو القدر الزائد لان العجز إنما يكون بسببه فيختص به أو الاول إذا أخذ الجميع دفعة و الثاني إذا أخذ أولا بقدر مقدوره ثم أخذ الزائد و لم يمزجه مع ما أخذه أولا ؟ أقوال أقواها الاخير و دعوى أنه بعد أخذ الزايد يكون يده على الجميع و هو عاجز عن المجموع من حيث المجموع و لا ترجيح الآن لاحد أجزائه ، إذ لو ترك الاول و أخذ الزيادة لا يكون عاجزا كما ترى ، إذ الاول وقع صحيحا ، و البطلان مستند إلى الثاني و بسببه ، و المفروض عدم المزج ، هذا و لكن ذكر بعضهم أن مع العجز المعاملة صحيحة ، فالربح مشترك ، و مع ذلك يكون العامل ضامنا مع جهل المالك و لا وجه له لما ذكرنا ، مع أنه إذا كانت المعاملة صحيحة لم يكن وجه للضمان ، ثم إذا تجدد العجز في الا ثناء وجب عله رد الزائد و إلا ضمن .( 1 مسألة ) : لو كان له مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها فضاربه عليها صح ، و إن كان في يده غصبا أو غيره مما يكون اليد فيه يد ضمان فالأَقوى أنه يرتفع الضمان بذلك ، لانقلاب اليد حينئذ فينقلب الحكم و دعوى أن الضمان مغيا بالتأدية و لم تحصل كما ترى ، و لكن ذكر جماعة بقاء الضمان إلا إذا اشترى به شيئا و دفعه إلى البايع فانه يرتفع الضمان به ، لانه قد قضى دينه باذنه ، و ذكروا نحو ذلك في الرهن أيضا ، و أن العين إذا كانت في يد الغاصب فجعله رهنا عنده أنها تبقي على الضمان ، و الاقوى ما ذكرنا في المقامين لما ذكرنا .( 2 مسألة ) : المضاربة جايزة من الطرفين يجوز لكل منهما فسخها سواء كان قبل الشروع في العمل أو بعده قبل حصول الربح ، أو بعده نض المال أو كان به عروض ، مطلقا كانت أو مع اشتراط الاجل ، و إن كان قبل انقضائه ، نعم لو اشترط فيها عدم الفسخ إلى زمان كذا يمكن أن يقال بعدم جواز فسخها قبله ، بل هو الاقوى ، لوجوب الوفاء بالشرط ، و