هل ان الحكومة امر تنصيبى ام انتخابي :
تـختلف الاجوبة على هذا السؤال باختلاف الارا والافكار, فمن لا ينتمي الى دين معين او ينتمي الا انـه يـحـدوده بالامور الشخصية , ولا يمت الى الحالة الاجتماعية بصلة , (كالكثير من المسيحين )
؟؟؟ على هذا السؤال واضح .
فهم يقولون : ان افضل اشكال الحكومات هي التي تكون منبثقة عن الشعب ,ولان اتفاق الارا غير ممكن
غالبا, فلذلك يجب انتخاب الحكام عن طريق الاكثرية .
ولـكن ما هو جدير بالذكر ان الموالين لهذه الفكرة يؤيدون الحكومات التي تصل الى دفة الحكم عن
طريق الانقلابات واستخدام القوة من قبل العسكريين و يقيمون معها نفس العلاقات التي يقيمونها مع
الـحـكـومات الشعبية , و لا يهمهم كيف وصلت هذه الحكومة الى شدة الحكم الحكم و يستطيع تثبيت حكمه و سيادته .
و لـهـذا الـسـبب نراهم يتريثون قليلا حينما يقع انقلاب عسكري في اي بقعة في العالم ليروا هل
ينتصر و يستلم مقاليد الحكم ؟ ثم فلو انتصر وثبت دعائمه و وطداركانه فعندئذ تبتاري الحكومات
المادية في الاعتراف به .
والا عجب من ذلك ان جميع فقها المذاهب الاربعة من السنة , حسب قول مؤلف كتاب (الفقه الاسلامي
وادلـتـه ) يتفقون على ان الامامة والحكومة يمكن حيازتهما بالقوة والغلبة , و كل من يصل الى الحكم
بـالـقـوة ((32)) و قد ورد هذا
المعنى بصراحة اكثرعلى لسان الفقيه السني المعروف ((احمد بن حنبل )), حيث لا يعتبر الامامة
مـشـروطـة بـالعدل و لا بالعلم و لا الفضيلة , و ينقل حديثا يتضمن معناه ان كل من تغلب على الحكم
بـالـسـيـف فـهـو خـليفة و امير للمؤمنين و لا يجوز لاحد انكار امامته ذلك الغلب سوا كان بارا ام
فاجرا((33)) .
و ورد نظير هذا المعنى في كتاب (منهاج السنن )((34)) .
و ربما خطر على بال البعض ان القول بهذا المعنى لا يصدر الا من اولئك الذين لايؤمنون باي اله او
دين , و لكن لماذايصدر هذا القول و تلك الفتوى ممن يدعي الايمان والاسلام و يتمسك بالقيم الخاصة
للحكومة كالايمان والعدالة ؟.
ولـكـنـنـا و بـعـد فهمنا لهذه الحقيقة و هي انهم كانوا غالبا بصدد تبرير موقف الخلفامن بني امية
وبـنـي العباس و مسايرتهم , حينئذ لا يهترينا العجب من اعترافهم بالحكومات الظالمة والفاجرة التي
وصلت الى سدة الحكم بالقوة و البطث .
عـلى اية حال , فاننا وكلما نظرنا بمنظار القرآن الكريم الى هذه المسالة يتضح لنابجلا ان الحكومة
هي من حق الذات المقدسة للخالق ثم لمن يراه عزوجل صالحالذلك .
فقد ذكر القرآن الكريم في اكثر من مكان : ((ان الحكم الا للّه ))((35)) .
و نرى نفس هذا المضمون في آيات اخرى .
ان كلمة ((حكم )) تتضمن معنى واسعا حيث تشمل (الحكومة ) و (القضا) كذلك .
والـواقـع ان توحيد الخلقة ملازم لتوحيد الحكم , بمعنى اننا عندما نسلم ان العالم باجمعه مخلوق من
مخلوقات اللّه سبحانه علينا ان نقبل انه ملك تام له ايضا, وطبيعي ان يكون الحكم المطلق لهذا العالم
بيد اللّه كذلك , لذا وجب ان والسيرحسب اوامره , واعتبار من يجلس على كرسي الحكم دون اذنه
وامره متعد وغاصب هـذه الـفـكـرة الـنـابعة من (التوحيد الافعالي للخالق ) (توحيد المالكية والحكم ),معروفة كاملا
للموحدين كما ان عقائد المذاهب الالحادية معروفة للجميع (تامل جيدا).
و لـهـذا الـسـبـب فـانـنـا نعتبر الانبيا حكاما حقيقيين من قبل اللّه , ولهذا السبب ايضابدا الرسول
الاكـرم (ص ) بـتـشـكيل الحكومة في اول فرصة اتبحت له , اي عند هجرته الى المدينة حيث كان
الوقت مناسبا لذلك .
و بعد ذلك فالحكومة من حق الذين عينوا من قبله بواسطة او بدونها.
و هناك روايات كثيرة تحد الامرا والائمة بعد الرسول (ص ) باثنى عشر امام و قداوردنا المصادر
لـذلـك فـي الـمـجـلد السابق من نفحات القرآن بان هذا الحق من نصيب الائمة الاثنين عشر من آل
البيت (ع ), (اذ لم يظهر اي تفسير مقبول لتلك الروايات غيره ).
و عـلـى هذا الاساس , فان الاشخاص الذين لهم حق الخلافة والحكومة في زمن غيبة الامام المهدي
(عج ) هم الذين ينصبهم الامام بصورة مباشرة او غير مباشرة .
و يتبين لنا مما قيل اعلاه ان الحكومة من وجهة نظر المسلم الموحد يجب تعيينهامن قبل اللّه تعالى ,
بـل و حتى تلك الحقوق التي نقر بها للشعب فهي ايضا تتعين من قبله تعالى و لا يتمكن الموحد ابدا ان
يجعل ارادة الخلق اساسا للحكومة دون ان تنتهي الى ارادة الخالق (تامل جيدا).
و مـا كـتبه بعض المغفلين من ان : ((هناك الحقيقة يدركها الجميع وهي ان كل من حاز على اكثرية
الاصـوات و ايـده الـشـعب فهو الحاكم لان القوة الحقيقة للمجتمع هوالشعب الشعب هو الذى يمنح
الولاية لشخص و يجسد حاكميته على الاخرين )) لايتلام مع النظرة التوحيدية .
نـحـن نـقـول ان الـنظرة التوحيدية هي عكس هذا الامر اي : انه اللّه تعالى هو الذي يمنح الولاية
لـشـخص ما و يجسد حاكميته على الاخرين , ولو كان للشعب حق في هذا المجال فهو ايضا من اللّه
تعالى .