الجهاد لاخماد نار الفتنة :
2.ورد في الاية 193 من سورة البقرة : (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين للّه فان انتهوا فلا
عدوان الا على الظالمين ).
وكـمـا اشـرنـا فـيـما سبق فان في تفسير مصطلح ((الفتنة )) بين العلما كلام , ولكن مهمافسرنا
((الـفـتـنة )), تارة بايجاد الفساد, وايذا المؤمنين او بالشرك وعبادة الاوثان المقترنة بفرض هذا
الاعتقاد على الاخرين , او كان بمعنى اضلال واغوا وخداع المؤمنين , كل ذلك انواع من الهجوم من
قبل العدو على المؤمنين , ولذا فان الجهادفي مقابل ذلك ياخذ شكلا دفاعيا.
وجـمـلـة (فـان انتهوا فلا عدوان الا على الظالمين ) تدل بوضوح على ان الهدف هوالحد من ظلم
الظلمة الجائرين .
والملفت للنظر انه ورد في الاية ((119)) من نفس السورة (البقرة ):.
(واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث اخرجوكم والفتنة اشد من القتل ).
فهذه الاية وبملاحظة الاية السابقة التي تتحدث عن المشركين المهاجمين , تدعوبصراحة الى قتال
ومحاربة اولئك الذين اغاروا على المسلمين واخرجوهم من ديارهم ومنازلهم والذين لا يمتنعون من
ارتـكـاب اي جـريـمة في حق المسلمين خاصة من اجل تغيير عقيدتهم , فكانوا يمارسون الضغوط
والتعذيب الوحشي ضدهم , فالقرآن بقتال هؤلا فحسب , بل انه يوجب ذلك عليهم .
والـفتنة وان فسرت في بعض الاحاديث وكلمات جمع من المفسرين بالشرك وعبادة الاوثان , ولكن
قـرائن كـثـيرة في هذه الاية والايات السابقة واللاحقة تدل بوضوح على انه لم يكن المنظور منها
الـشـرك ابـدا, بـل اعمال كاعمال مشركي مكة الذين كانوا دائما يماسرون الضغوط والتعذيب ضد
المسلمين لتغيير عقيدتهم , ولذاورد في تفسير ((المنار)) في معنى الاية قوله : (حتى لا تكون لهم
قوة يفتنونكم بهاويؤذونكم لاجل الدين ويمنعونكم من اظهاره او الدعوة اليه )((399)) .
ولا شك في ان مثل هذه الفتنة وسلب الحريات والتعذيب والضغوط لتغييرالعقيدة ودين اللّه اشد من
القتل .
وعـلـيـه فجملة ويكون الدين كله للّه اشارة الى ان رفع الفتنة انما يكون في ان يعبدشخص خالقه
بـحـرية , وان لا يخشى احدا, لا ان يكون المشركون احرارا في عبادة الاوثان فيبدلوا الكعبة الى
محل عبادة الاصنام , ويسلب المسلمون حق قول ((اللّه اكبر)) و ((لا اله الا اللّه )) علنا.
وعلى اي حال , فالايات ((190)) و ((191)) و ((193)) من هذه السورة والمرتبطة بعضها مع
الـبعض الاخر, تدل جميعا على ان اخماد نار الفتنة باعتباره هدفا للجهادالاسلامي له جنبة دفاعية
في الواقع , ويحفظ المسلمين في مقابل الهجمة الثقافية والاجتماعية والعسكرية لاعدا الاسلام .