مجلس الشورى وانتخاب النواب
يـجب علينا هنا ان نبحث اولا مسالة اهمية الشورى في الاسلام , ومواردها,وصفات الذين ينبغي ان نستشيرهم .
اهمية وضرورة المشورة :
تعد مسالة المشاورة وخاصة في الامور الاجتماعية وما يتعلق بمستقبل المجتمع من اهم المسائل التي عـرضـهـا الاسـلام بـدقـة واهمية خاصة , ولها مكانة متميزة في آيات القرآن الكريم والروايات
الاسلامية وتاريخ ائمة الاسلام العظام .
وقد جا الامر بالمشورة في عدة آيات من القرآن الكريم .
ففي الاية ((159)) من سورة آل عمران امر اللّه تعالى رسوله الكريم (ص ), بان يشاور المسلمين
في الامور المهمة وهو قوله تعالى : (وشاورهم في الامر).
وفـي الايـة ((38)) مـن سورة الشورى , وعند بيان الاوصاف المتميزة للمؤمنين حقايقول تعالى :
(والذين استجابوا لربهم واقاموا الصلوة وامرهم شورى بينهم ).
وكما تلاحظون في هذه الاية , ان مسالة الشورى هي بمستوى الايمان باللّه تعالى والصلاة , اذ يبين
ذلك اهميتها الاستثنائية .
ويـقـال احـيـانـا ان السبب في صدور الامر الى الرسول (ص ) بمشاورة الناس كان لغرض احترام
الـمـسلمين واشراكهم في المسائل الاجتماعية فقط ذلك ان الذي يعزم على الامور في نهاية المطاف
هـو شـخـص الـرسول 0ص ) وليس الشورى , وهذا هوقوله تعالى في نهاية الاية الكريمة : (فاذا
عزمت فتوكل على اللّه ).
ولـكـن من المسلم به ان المراد من الاية الكريمة في نهايتها ليس المقصود به ان يقوم الرسول (ص )
بمشاورة الناس ومن ثم لا ياخذ بوجهات نظرهم وآرائهم ,ويختار طريقا آخر, ومثل هذا الاسلوب
لا يـنـسـجـم اولا مع الهدف الذي تقصده الاية (لانه سيصبح سببا لعدم احترام الراي العام , ويؤدي
بـالـتـالـي الى انزعاج المسلمين وترتب نتائج عكسية ), ولا ينسجم من جهة اخرى مع تاريخ النبي
الاكـرم (ص )ايـضـا, لانـه (ص ) عـنـدما كان يشاور الناس في الحوادث والملمات المهمة , فانه
كـان يـحـترم آرا الناس , حتى انه كان يتجاهل احيانا وجهة نظره الكريمة , بهدف تقوية ودعم مبدا
المشاورة بينهم .
تجدر الاشارة الى ان آية المشاورة ونظرا للايات الورادة قبلها وبعدها, يراد بهاغزوة ((احد)),
ونعلم انه في مسالة احد, لم يكن الرسول (ص ) موافقا على الخروج بالجيش من المدينة , ولكن بما ان
اكثرية آرا المسلمين استقرت على هذا الامر, فقدوافق (ص ) على الخروج((82)) .
وعـلـى فـرض ان هذه الاية تعطي هذه المزية للرسول (ص ) بان تكون مشاورته للناس ذات جنبة
تـشـريفية , الا ان الاية الواردة في ((سورة الشورى )) والتي توضح القانون العام للمسلمين بشكل
واضـح وجـلـي , تؤكد على ان الامور المهمة يجب ان تنجز من خلال الشورى بين المسلمين , وان
الشورى تلعب دورا مصيريا.
ومـن الـبـديهي ان العمل بالشورى يكون في المسائل التي لم ينزل بها حكم خاص من قبل اللّه تعالى ,
وعندما نقول بان الشورى في مسالة خلافة الرسول (ص ) لا اعتبارلها, بسبب وجود امر خاص من
قبل اللّه تعالى في هذا المجال , ومع تعيين الوصي وخليفة الرسول (ص ) عن طريق الوحي ومن خلال
شخص رسول الاسلام (ص ), لم يبق مجال للشورى بعد ذلك .
وبـعـبارة اخرى , ان الشورى يعمل بها دائما في المواضيع , وليس في الاحكام التي صدر حكمها من
قبل اللّه تعالى .
وعـلى اي حال فان مسالة الشورى التي ذكرت في الاطار المبين اعلاه , تعد ركناومبدا اساسيا في
الاسـلام اذ ان الـتـعـبير بكلمة ((امر)) اشارة الى الامور المهمة , وخاصة المسائل التي يحتاجها
المجتمع , ويحمل هذا المصطلح مفهوما واسعا لدرجة يشمل معها جميع الامور السياسية والعسكرية
والاقتصادية والثقافية المهمة .
وقـد صـدر الامـر بـالـشـورى في القرآن الكريم كذلك في الامور المهمة المتعلقة بنظام الاسرة
(الـمـجـتمع المصغر, ومن ذلك فطام الطفل قبل بلوغ الحولين الكاملين اذ يشير الى مبدا الشورى ,
وهو قوله تعالى : (فان ارادا فصالا عن تراض منهما وتشاورفلا جناح عليها)((83)) وهذا دليل
على الاهمية البالغة للشورى في الامور.