الحكومة والوكالة :
يقال احيانا ان الحكومة الشعبية نمط من الوكالة , لا منح منصب لان مالك الملوك هو اللّه تعالى , فيجب ان يـهـبـه هـو تـعالى لمن يشا و بعبارة اخرى , فكما ان كل واحديتمكن ان يوكل غيره فى الامور
الشخصية , و لا شك ان لهذا الامر مشروعيته , فكذاالامر في القضايا الاجتماعية , اذ بامكان الشعب
اعـتـبار شخص ما وكيلا له لادارة الشؤون الاجتماعية , والشعب ملزم بتحمل نتائج تلك الوكالة ما
بقيت .
لكن هذا الكلام سقيم لوجوه :.
اولا: باي حق يتدخل وكيل الاكثرية في شؤون الاقلية ؟ لنفرض ان 51 مليون نفرقد انتخبوا احد
الاشخاص وكيلا عنهم , و 49 مليون قد وكلوا شخصا آخر, فباي دليل يمتلك وكيل ال (51 مليون )
حق التدخل في شؤون ال (49 مليون نفر).
ثـانـيا: هنا لك شريحة يعتد بها من الشعب لا تتشرك في الانتخابات في اكثرالاحيان ولاسباب شتى
ولا يـمـنـحـون اصواتهم لاحد باعتباره وكيلا لهم فاية ضرورة تقضي بوجوب اتباعهم لمن يتمتع
بوكالة الاخرين ؟ ثـالـثا: الوكالة عقد جائز, وبامكان الموكل عزل وكيله متى شا, في حين ان الشعب لا يمكنه ابدا في
ظل الانظمة السياسية في العالم عزل مرشحيه اوالمرشحين لرئاسة الجمهورية وامثالها.
الحقيقة هي ان الايمقراطيه لا يمكن تحجيمها بهذه العناوين , اذ ان للديمقراطية هويتها الخاصة بها,
وهـي في الواضع نوع من العقد الاجتماعي تفرضه الضرورة , لان الشعب بحاجة الى حكومة ما على
كل الاحوال , ومن جهة اخرى فاتفاق آرا الشعب على هذا الامر غير ممكن , اذن , فلابد من الذهاب ـ
شـئنـا ام ابينا ـ ورا راي الاكثرية ,كما يجب على الاقلية الرضوخ امام الاكثرية , اذ لا سبيل سواه
لادارة الـمـجـتـمـع رؤيـة اخرى , وهي انه لنرى حسب رايهم , حتى لو لم يكن هذا الامر متصفا
بالعدالة المحضة .
امـا الـذين ينظرون الى الحكومة بانها من قبل اللّه تعالى , فلهم رؤية اخرى , وهي انه لنرى من ذلك
الـشـخص الذي وضع اللّه تعالى الحكومة تحت اختياره ؟ وبهذه الحالة تكون آرا الشعب ـ عند تعدد
الافراد اللائقين من وجهة نظر الاسلام ـ قادرة على صنع القرار عند تعيين الشخص المتفق عليه ,
فيتغلب ذلك الشخص الذي يحظى بدعم جماهيري اكبر لتنفيذ اهداف الحكومة .
وبـامـكان المسائل المتعلقة بالبيعة توضيح هذا الامر بشكل اكبر, و سنتكلم ان شا اللّه بالتفصيل في
الابحاث القادمة عن دور البيعة في الحكومة , و حقيقة البيعة وشروطها.