العلاقة بين ((الدين )) و ((الحكومة )) من وجهة نظر القرآن الكريم - نفحات القرآن جلد 10

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نفحات القرآن - جلد 10

ناصر مکارم شیرازی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

العلاقة بين ((الدين )) و ((الحكومة )) من وجهة نظر القرآن الكريم



ان شعار فصل الدين عن السياسة هو الاكثر رواجا في الدول الغربية , و قد يعد من بديهياتهم المتفق عليها بتعبير آخر و من هنا ياخذهم الرعب و الخوف من تشكيل الحكومة الاسلامية التي تجمع بين
((الدين )) و ((السياسة )) بشكل تام 1 ـ الـديـن الموجود في المجتمعات الغربية هو دين المسيحية الحالي , و نحن نعلم ان هذا الدين و
نـتـيـجـة لـلتحريفات الكثيرة التي طرات عليه على مر الزمن قدتجسد في سلسلة من التوصيات
الاخلاقية , و لا علاقة له بالقضايا الاجتماعية خصوصا السياسية منها.


والـفـرق بـين الشخص المتدين و غير المتدين في هذه المجتمعات , هو ان الاول ملتزم بسلسلة من
الاصـول الاخلاقية , و يذهب في الاسبوع مرة واحدة الى الكنيسة ليتضرع و يناجي ربه ساعة من
الـزمـن , امـا غـير المتدينين فلا يبالون بمثل هذه الاخلاقيات (وان احترموها احيانا باعتبارها من
المثل الانسانية لا الدينية ), ولايذهبون الى الكنيسة ابدا.


2 ـ الذكرى المؤلمة جدا التي يحملونها معهم من حكومة ارباب الكنيسة في القرون الوسطى وعهد
((انكيزيسيون )) (تفتيش العقائد), سببت في ان يفصلوا الدين عن السياسة والى الابد.


توضيح ذلك : لقد هيمن رجال الكنيسة في القرون الوسطى على كافة الشؤون السياسية والاجتماعية
لـشـعـوب اوربـا, و حـكم البابوات دول هذه القارة بكل قوة ,بحيث انتهت حكومتهم الى الاستبداد
والـطـغيان , حتى انهم وقفوا امام كل تقدم علمي , وسحقوا كل تطور علمي و فكري باعتباره منافيا
للدين , فاسسوا محاكم سميت فيما بعد ب ((انكيزيسيون )) ((محاكم تفتيش العقائد)), و حكموا على
اعـداد كـبيرة في هذه المحاكم بالموت , فقطعوا رؤوس بعضهم , واحرقوا البعض الاخر بالنار و
هـم احـيا, او انهم حكموا عليهم بالسجن , و من بينهم عدد من العلما الطبيعيين المعروفين و كان كل
الملوك يحسبون لرجال الدين هؤلا حسابا ويطيعون اوامرهم .


بالاضافة الى الاموال الطائلة التي اخذوها وعاشوا في نعيم لا يوصف .


اثـارت كـل هـذه الامور الشعب ضدهم , خصوصا علما العلوم الطبيعية , حيث انهم وقفوا في وجههم
بـقوة , وعم شعار ((فصل الدين عن السياسة )) من جهة , والتنافي بين العلم والدين من جهة اخرى
كـل مـكـان ثـم وبانتصار هذا الجناح , انسحبت الكنيسة و رجالها من المجتمع والحكومة , والدولة
الوحيدة التي بقيت بيد رجال الكنيسة من تلك الامبراطورية الواسعة هي دولة الفاتيكان الصغيرة التي
لا تتجاوزالكيلومتر المربع الواحد اي بمساحة قرية صغيرة((38)) .


كانت هذه كلها, تطورات قد حدثت في اوربا وخلال تلك الظروف الخاصة .


ثم ان فريقا من الدول الاسلامية حينما ذهب الى الغرب للدراسة او التجارة اوالسياحة جاؤوا بمثل
هـذه الافـكـار مـعهم كهدية من الغرب للشرق الاسلامي وهي لزوم فصل الدين عن السياسة , دون
الـوقـوف عـلى البون الشاسع بين ((الاسلام )) وبين ((المسيحية )) المحرفة , و بدون التامل في
التفاوت بين الثقافة الاسلامية الحاكمة على هذه الدول وثقافة الكنيسة .


و مـع الاسف فقد رضخت بعض الدول الاسلامية لهذه لمؤامرة الاعلامية واعتبرتها اصلا لا يمكن
التنازل عنه (لا يخفى ان الدول الغربية التي كانت ولا تزال تخاف قوة الحكومة الاسلامية قد تابعت
هذه القضية بجدية و ان الدول المستغربة مثل تركيا, قد اتبعت هذا الاصل ووضعته على راس قائمة
اعمالها و قامت بتشكيل الحكومة العلمانية .


هـذا فـي الـوقـت الذي وقفت الكثير من الدول الاسلامية و شعوبها اليقظة في وجه هذه المؤامرة ,
الـمـؤامـرات التي ارادت فصل ((المسلمين )) عن ((الاسلام )), وجعل الاسلام كمسيحية اليوم
مجرد طقوس ظاهرية خاصة بالخلق والخالق بعيدة عن المجتمع والسياسة .


و لـهـذا الـسبب , فحينما نجحت الثورة الاسلامية الايرانية واتت اكلها وقامت بتشكيل اول حكومة
اسـلامـيـة ثـوريـة , اخذت الحيرة والدهشة كل من في الغرب من كيفية امكان استلام الدين بزمام
الـحـكـم ؟ وهل بامكان الدين تلبية كل متطلبات عصرنا؟ ولكن بعد ان فوجئوا بثبات و صلابة هذه
الحكومة , و لغرض حصرها ضمن حدودها الجغرافية ولئلا تكون نموذجا لبقية الدول الاسلامية ,
فقد توسلوا بعمليات تخريبية كثيرة , بالامكان الوقوف عليها في الكتب التي تتناول هذا الموضوع .


ولحسن الحظ بقيت هذه المؤامرات عقيمة , وتجذرت فكرت تاسيس الحكومة الاسلامية في الكثير
مـن الـدول الاسلامية , في قارة آسيا و افريقيا واصبح تبارا حياومنقذا, مع ما يحاول الغرب بكل ما
اوتـي مـن قـوة , ولـم يـتـرك اي شي في سبيل ذلك من انوع الاتهامات المغرضة الكاذبة والاعلام
المدسوس ليل نهار.


اما كيف ان الاسلام عقترن بمسالة الحكومة من حيث الاصول والفروع والتاريخ ,فهذه المسالة ليست
بتلك الصعوبة , و كل من يتامل في القرآن الكريم وسنة النبي (ص ) والائمة المعصومين (ع ) و كذلك
تاريخ الاسلام , يدرك هذه المسالة بكل وضوح , وهي استحالة فصل الحكومة والسياسة في الاسلام ,
وانه بمنزلة فصل الاسلام عن نفسه والشاهد على هذه الامر و قبل كل شي هو تاريخ الاسلام , فكما تمت الاشارة سابقا فان اول عمل قام
به النبي (ص ) بعد الهجرة الى المدينة كان تشكيل الحكومة الاسلامية فقد كان (ص ) يدرك جيدا ان
اهـداف النبوة و بعثة الانبيا وهي التربية والتعليم , واقامة القسط والعدل وسعادة الانسان و رفعته ,
غير ممكنة بدون تشكيل الحكومة , و لهذا السبب فقد بدا في اول فرصة ممكنة بارسا اسس الحكومة
و ذلك بامر من اللّه تعالى .


فـشـكـل جـيشا من المهاجرين والانصار, و اوجب على الجميع في اي سن كان وتحت اي ظروف
(بـاسـتـثـنـا الـنـسا والاطفال والمرضى والمقعدين ) المشاركة فيه وكان قسم من تامين السلاح
والـمـؤونـة والدواب لهذا الجيش المتواضع والبسيط على عاتق الشعب , والقسم الاخر على عاتق
الـحـكـومـة الاسلامية وكلما ازادادت الغزوات والمطاحنات مع الاعدا الشرسين واتسعت رقعة
الحروب اكثر ازداد جيش الاسلام رسوخا و تنظيما.


نـزل حـكـم الزكاة , وتم ولاول مرة تاسيس بيت المال الاسلامي لضمان تكاليف الجهاد, واحتياجات
المحرومين .


ثـم نـزلت احكام القضا والعقوبات المترتبة على الجرائم والتخلفات الواحدة تلوالاخرين , و دخلت
الحكومة الاسلامية مراحل جديدة .


لـو لم يكن للاسلام حكومة , فما هي ضرورة تشكيل الجيش و بيت المال و دوائرالقضا والعقوبات
للعاصين والمتخلفين .




وقد امتد هذا الوضع على هذا المنوال الى ما بعد النبي (ص ) في فترة الخلفا,بل وحتى في عهد خلفا بـنـي امـية وبني العباس , حيث انهم كانوا يحكمون باسم خليفة رسول اللّه (ص ), ومع ان حكومتهم
كانت متسمة بالظلم خارجة عن اطارالقوانين الاسلامية , لكن مهما يكن فهي تعكس هذه الحقيقة وهي
ان تشكيل الحكومة الاسلامية يعد من المسائل الاولية والاساسية للاسلام .


الـضغوط الموجهة لائمة اهل البيت (ع ), ثورة الامام الحسين (ع ), ولاية عهدالامام علي بن موسى
الـرضا(ع ), حبس الامام موسى بن جعفر(ع ), نفي الامام الهادي (ع ) والامام الحسن العسكري (ع )
الـى سـامرا ووضعهم تحت المراقبة خوفامن الثورة على الحكومة , كلها تبين بوضوح ان الائمة من
اهـل الـبـيت (ع ) كانوايعتبرون تشكيل حكومة العدل الالهي من مسؤولياتهم الاكيدة , وقد استغلوا
كل فرصة لهذا الامر كما ان عدوهم كان يدرك هذا الامر جيدا.


لـو كان الاسلام كمسيحية اليوم محدودا بسلسلة من الاحكام الاخلاقية , لما كان لهذه الظواهر في
تـاريخ الاسلام اي مفهوم اذ لا احد يعارض معلما بسيطا للاخلاق او زاهدا منعزلا في زاوية مكتفيا
باقامة صلاة الجماعة .


انـمـا تبدا المعارضة حينما يتعلق الامر بالحكومة , هذا من جهة و من جهة اخرى فهنا لك الكثير من
الاحـكـام اسـلامـية في القرآن المجيد والتي تصرخ عاليا بضرورة تشكيل الحكومة ارسا اسسها
وبعبارة اخرى , فهذه الاحكام احكام سياسية , وهي التي ترسم الخط السياسي المجتمع الاسلامي .


هـنـاك آيـات قـرآنـيـة كثيرة حول الجهاد, وتكاليف المجاهدين , و غنائم دار الحرب ,والشهدا,
والاسرى , فهل يا ترى بالامكان توجيه مثل هذه الاحكام خارج نطاق الحكومة ؟.


الـكـثـير من الايات ناظر الى وظائف القاضي , واحكام القضا, و تطبيق الحدودوالقصاص وامثالها,
والكثير منها ناظر الى اموال بيت المال .


الامـر بـالـمعروف والنهي عن المنكر هو من واجبات كل فرد مادام في حدودالتنبيهات والاوامر
والـنـواهي الكلامية , لكن بعض مراحل الامر بالمعروف والنهي عن الفكر التي تحتاج الى الصلابة
والقوة , بل وحتى المواجهة العسكرية المسلحة غيرممكنة الا عن طريق الحكومة .


تطبيق العدالة الاجتماعية واقامة القسط والعدل , وفتح الطريق للتبليغ بحرية في اقصى نقاط العالم ,
لا يـكـون بالنصيحة والموعظة والمثل الاخلاقية ابدا الحكومة هي التي ينبغي ان تنزل الى الميدان
لـتفك قيد الظالم عن عنق المظلوم , و تعيد حقوق المستضعفين , و توصل ندا التوحيد الى اسماع كل
سكان المعهورة عن طريق وسائل الاعلام المتوفرة في كل زمان .


وقـد وردت نـفـس هـذه المضامين و بشكل اوسع في سنة النبي (ص ) و روايات المعصومين (ع ),
والتي تشكل قسما كبيرا من فقه الاسلام و الكتب الفقهية , ولواردنا فصل هذه المسائل عن الروايات
والكتب الفقهية لما بقي هنا لك ما يعتد به .


و كـمـا تـقـدم فـالـكـتـب الـفـقـهـية تقسم الى ثلاثة اقسام , ((العبادات )), و ((المعاملات )),
و((السياسات )).


فالعبادات هي علاقة الخلق بالخالق .


والمعاملات هي علاقة الناس بعضهم ببعض .


كما وان السياسات هي علاقة الناس بالحكومة .


لكن لو دققنا النظر, لوجدنا ان قسم السياسات ليس الوحيد الذي لا يتجسدبغياب الحكومة , بل قسم
الـمـعـاملات ايضا لو لم يكن تحت اشراف الحكومة لتعرض لالاف المصاعب والعراقيل , و لضاعت
حـقـوق الـمـستضعفين , وانقسم المجتمع الى قطبين اغنيا وفقرا, ولعانى الشعب من مئات المشاكل
المصطنعة .


بل و حتى العبادات لا تتجسد الا في ظل حكومة قوية عادلة , و من العبادات الحج الذي تكون صبغته
السياسية قوية جدا.


وصلاة الجمعة عبادة مهمة اخرى , حيث انه وفضلا عن التواجد الواسع لكل شرائح المجتمع فيها,
فان اهم القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية المعاصرة تثارفي خطبتها.


كما ان صلاة الجماعة اليومية لا تخلو من هذا المحتوى ايضا, وان كانت صبغتهاالسياسية اقل درجة
.


الايـة (41) مـن سـورة الـحج فيها اشارة لطيفة الى هذا الامور, يقول تعالى : (الذين ان مكناهم في
الارض اقاموا الصلوة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر).


و مـمـا تـقدم , لا يبقى هناك ادنى شك في ان فصل التعاليم الاسلامية عن القضاياالسياسية امر غير
مـمـكـن , وان الـشـعارات التي تطلق في الغرب لفصل الدين عن السياسة فارغة المحتوى تماما في
الشرق الاسلامي .


ونختتم هذا الكلام بحديث جامع و لطيف للامام امير المؤمنين (ع ):.


حـينما جا ((ابوالدردا)) و ((ابو هريرة )) برسالة معاوية الى علي (ع ) وكان قد طلب فيها تسليم
قـتلة عثمان اليه ليحاكمهم , قال الامام علي (ع ): ((لقد ابلغتمائي ما قاله معاوية , والان اسمعا كلامي
وابلغاه عني )).


((ان عـثمان بن عفان لا يعدو ان يكون احد رجلين : اما امام هدى حرام الدم وواجب النصرة لا تحل
معصيته ولا يسع الامة خذلانه , او امام ضلالة حلال الدم ,لا تحل ولايته ولا نصرته , فلا يخلوا من
احدى الخصلتين .


والـواجـب فـي حـكم اللّه وحكم الاسلام على المسلمين بعد ما يموت امامهم اويقتل , ضالا كان او
مـهـتديا, ومضلوما كان او ظالما, حلال الدم او حرام الدم , ان لايعملوا عملا ولا يحدثوا احدثا ولا
يقدموا يدا ولا رجلا ولا يبدؤ بشي قبل ان يختاروا لانفسهم اماما عفيفا عالما ورعا بالقضا والسنة ,
يـجـمـع امـرهـم ويـحـكـم بينهم وياخذ للمظلوم من الظالم حقه ويحفظ اطرافهم ويجبي فيئهم
ويقيم حجتهم ويجبي صدقاتهم , ثم يحتكمون اليه فى امامهم المقتول ظلما ليحكم بينهم بالحق , فان كان
امامهم قتل مظلوما حكم لاوليائه بدمه , فان كان قتل ظالمانظر كيف الحكم في ذلك ))((39)) .


و عـلـى هـذا الاسـاس وجـب عليك يا معاوية و قبل التطرق لقضية قتل عثمان الرضوخ للحكومة
الاسلامية و تبايع من بايعه كل الناس ولا تتاخر ولو لحظة بالتوسل بهذه الحجج والذرائع .


/ 135