الثقافة الحاكمة على الحكومة الاسلامية - نفحات القرآن جلد 10

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نفحات القرآن - جلد 10

ناصر مکارم شیرازی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الثقافة الحاكمة على الحكومة الاسلامية



هـذا الـجـز من المسائل المتعلقة بالحكومة الاسلامية يعد من اهم الاجزاواكثرها حيوية , لان من الممكن ان نفهم مما تقدم عن النظام التنفيذي في الحكومة الاسلامية , انها تسير بنفس الاسلوب الذي
يسير عليه الحكام غير الاسلاميين .


اي ان تـقـسـيـم المسؤوليات , وتشكيل الوزارات وانتخاب الوزرا, والمدرا الكباروالادنى منهم ,
ورئيـس الـجـمـهورية او رئيس الوزرا مطلوب هنا ايضا, وكذا الحال بالنسبة لمسالة الانتخابات
الـشـعـبـية , والاستناد الى آرا وارادة الشعب , والانتخاب المباشر او غير المباشر من قبل نواب
الـشعب في مجلس الشورى وامثال ذلك ,موجودة هي الاخرى ايضا وبنا على ذلك فان الفرق الوحيد
لهذه الحكومة مع سائر الحكومات , يكمن في الاسم والعنوان فقط الا ان ذلـك يعد خطا فاحشا, لان الشي الاهم الذي يفرق بين الشعوب والحكومات والجمعيات يكمن
فـي الثقافة الحاكمة عليهم , خاصة وان الحكومة اوالمؤسسات والجمعيات هي بمنزلة الجسم فقط,
وروحها يكمن في الثقافة الحاكمة عليها.


ولـغـرض الوقوف على الثقافة الاسلامية الحاكمة على هذه التنظيمات , يلزمناالمزيد من البحوث ,
وهـي بحاجة الى كتاب او مجموعة من الكتب المستقلة , وماتطالعونه هنا يمثل في الواقع فهرسا من
تـلـك الـبـحـوث , هذا الفهرست الذي بامكانه ان يوضح للقرا الكرام الكيفية الاجمالية لهذه المسالة
واهدافها واهميتها.


وبـشـكـل عـام فان ثلاثة اصول اساسية تتحكم بنظام الحكومة الاسلامية والتي تميزها عن سائر
الحكومات الشعبية :.


1 ـ مـعرفة المسؤولين التنفيذيين بانهم المؤتمنون على امر اللّه تعالى , ويجب عليهم المحافظة على
مـا اودع بـايـديـهم من امر الحكومة والمناصب الحكومية كوديعة وامانة الهية , وبانهم بمثابة حلقة
الـوصـل بـيـن اللّه سبحانه وتعالى وعبادة , وان ينفذوا بدقة كل ما امر به تعالى بشان عبادة , وليس
بـامـكـانهم مطلقا ان ينشغلوابالتفكير في المحافظة على مناصبهم او مصالحهم الشخصية او مصالح
جماعة معينة .


في حين ان الحكام الماديين يفكرون في كيفية المحافظة على مناصبهم ومصالحهم الشخصية اكثر من
اي شـي آخر, ومن الممكن احيانا ان يعمدوا الى صرف الملايين من اجل الوصول الى احد المناصب ,
والمؤكد انهم وبعد استلام الحكم يقومون بتعويض ما انفقوه ويزيدون عليه اضعافا مضاعفة , او على
الاقل يتعلق هؤلا الافراد بطبقة معينة من المجتمع , ومن اجل المحافظة على مصالح تلك الطائفة التي
يـنـتـمون لها, والتي رصدت مبالغ طائلة لايصاله الى سدة الحكم , يقومون بشتى الجهود, من اجل ان
تعود على تلك الطبقة بالمزيد من الفوائد والارباح المضاعفة .


ولـذا فان اختلاف هذا المنظار عن المنظار الذي يعمل بموجبه الحكام والمدراالاسلاميون واضح
جدا وفي جميع المجالات .


2 ـ يـنظر الناس لهم على انهم مبعوثين من قبل اللّه تعالى , ذلك لان طاعتهم تعدفرعا من طاعة اللّه
تعالى , واوامرهم بمنزلة اوامر اللّه .


ويعتبرون قوانين الحكومة الاسلامية ـ في حالة قيام تلك الحكومة على الاسس الصحيحة ـ بمنزلة
قانون اللّه , ويعتقدون بان طاعتها توجب النجاة في الاخرة , وان مخالفتها يعد ذنبا ويوجب العذاب يوم
القيامة .


هـذه النظرة تختلف كثيرا عن النظرة السائدة في الحكومات المادية , اذ يرى الناس ان الحكام عبارة
عـن افـراد مـثـلـهـم , وهـم غالبا في صدد المحافظة على مصالحهم الشخصية او مصالح الحزب
والـجـمـاعـة الـتي ينتمون لها, واذا شعروا بان الناس غير راضين بالقوانين المشرعة , وامنوا من
العقاب , فانهم سرعان ما يتخلون عن واجبهم في تحمل مسؤولياتهم .


3 ـ فـي الـحـكومة الاسلامية وبشكل عام يجب ان تلقي الروح المعنوية والقيم الاخلاقية بظلالها
عـلـى جـميع الامور, وان تاتي المسائل الاخلاقية والانسانية على راس قائمة الاعمال , ويجب ان
تـكـون الـدوافـع ابعد بكثير من الدوافع المادية , اوليس الهدف النهائي من تشكيل الحكومة والحياة
الافـضـل انما يتمثل في توفير المقدمات اللازمة للسير الى اللّه والقرب من الباري وايجاد التكامل
الروحي والمعنوي ؟ فهل يمكن ان تتساوى هذه الاهداف والدوافع اهداف ودوافع الشعب والعاملين في حكومة مادية ؟.


طـبـعا لغرض الوصول الى التحقيق حكومة الهية تامة وكاملة , لابد ان نطوي طريقاطويلا وشاقا,
ولابـد مـن اعـطـا دروس كـثيرة للمجتمع , ولكن مهما يكن الحال فان محتوى هذه الحكومة قياسا
للحكومات المادية , من حيث العنصر الثقافي ((متفاوت )) للغاية بل و ((متباين )) ايضا.


ومن خلال هذا التحليل ننتقل الى الايات القرآنية المباركة , ومن ثم الى الروايات الاسلامية , لغرض
الوقوف على الثقافة الحاكمة على المحاور المختلفة للحكومة الاسلامية ومناقشتها:.


1 ـ نقرا في الاية رقم 159 من سورة آل عمران :.


(فبما رحمة من اللّه لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم
وشاورهم فى الامر فاذا عزمت فتوكل على اللّه ان اللّه يحب المتوكلين ).


وبنا على ذلك فان الحاكم الاسلامي وبالاضافة الى الحزم والعزم الشديدين ,فهو مطالب ومكلف بالعفو
والصفح , وحتى الاستغفار واللين والانسجام , وان يرى في اللّه تعالى السند والملاذ الاول والاخير
في كل حال من الاحوال .


2 ـ وفـي الايـة 34 من سورة فصلت المباركة يامر الباري تعالى بغسل العداوة والبغضا بما المحبة
والاحسان , وتلافي مواجهة الاحبة بالمثل كلما امكن ذلك اذيقول تعالى : (ادفع بالتى هى احسن فاذا
الذى بينك وبينه عداوة كانه ولى حميم ).


ولكنه تعالى يضيف مباشرة بقوله الكريم :.


ان سـيـطرة مثل هذه الثقافة على النظام الاسلامي التنفيذي والتي تقف بالضدتماما من الثقافة المادية
تضفي عليه نورانية وصفا, وتعطي له معنى ومفهوما آخرين .


3 ـ ويقول تعالى في الاية 38 من سورة الكهف المباركة تجاه اصرار الذين يعتقدون بان واجب النبي
الاكـرم (ص ) ان يبعد الفقرا وان كانوا مؤمنين ومخلصين ,ويقترب من الطبقات الغنية والمتنفذة , اذ
تقول الاية بكل صراحة وحزم :.


((واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولاتعدعيناك عنهم تريد زينة
الحياة الدنيا ولاتطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا)).


وشتان بين هذا المنطق الذي يرى في الحب والايمان باللّه تعالى لدى هؤلاالافراد اثمن واغلى شي
لديهم , ويامر بصد الاغنيا الغافلين عن ذكر اللّه , وليس الفقرا المخلصين المؤمنين , وبين منطق الذين
يـعلنون اليوم بكل صراحة في العالم ,بان القيمة العليا تكمن في المصالح والمنافع المادية , ويضحون
بجميع القيم الاخرى في سبيل تلك المصالح .


4 ـ وتـخاطب الاية 26 من سورة ص وبلهجة حازمة وشديدة للنبي داود(ع ): (ياداود انا جعلناك
خليفة فى الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل اللّه ).


وكـمـا نـرى , فان الاية الكريمة تنذر هذا النبي المعصوم والقدوة للناس بان يحذروساوس النفس
الامارة , لئلا تصبح سببا لانحرافه عن طريق الحق والعدالة .


وعـلى هذا الاساس , يجب على الحاكم الاسلامي ان يراقب نفسه جيدا ويحذرمن الاهوا والدوافع
الـدنيوية والحب والبغض ان تتحكم في اعماله وتصرفاته فيضيع بها حقا او يرتكب باطلا, وما اشد
مـا اخـتلف هذا الميزان للحاكم مع من يقول بان القاضي يعتبر مسؤولا فقط امام القانون لا اكثر, ذلك
القانون الذي له اكثر من الف طريقة للتخلص والتبرير.


5 ـ وفي الاية (135) من سورة النسا يخاطب القرآن الكريم جميع المؤمنين ويذكرهم باصل مهم ,
وهو تقديم الاصول والضوابط على الروابط, ويقول :.


(يـا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهدا للّه ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين ان يكن
غـنـيـا او فقيرا فاللّه اولى بهما فلا تتبعوا الهوى ان تعدلوا وان تلووا اوتعرضوا فان اللّه كان بما
تعملون خبيرا).


وبهذا لا ينبغي للروابط بين الاب والام والابن والاخ ان تكون حجر عثرة امام تطبيق القانون واجرا
العدالة , بل حتى المنافع الشخصية لابد من نسيانها وتركها في مقابل الحق .


ومـن الـبديهي ان مثل هذه الكلمات يمكن ان تطرح في المحافل المادية , ولكن مضافا الى عدم وجود
الـضـمـانـات العملية في تطبيقها, لا يمكن تصور مفهوم صحيح عنها, ولهذا نجدهم يقدمون المنافع
الـشـخصية والحزبية دائما على القيام بالعدل والقسط, فالروابط حاكمة هنا على الظوابط, واحيانا
يـتـم هـذا الـمعنى من سحق القوانين علنا في التصرفات المتناقضة للحكام الماديين فيما لو تشابهت
الـمـفردات ,احدها يسير وفق المصلحة والاخر على الصد منه , فهنا تتضح زيف الشعارات المتعلقة
بالقسط والعدل وحقوق البشر ويثبت بطلانها.


هناك ملاحظات ملفتة للنظر في الروايات الاسلامية لبيان الثقافة الحاكمة على الحكومة الاسلامية
يطول شرحها, ولكن يمكن الاشارة اليها باختصار:.


1 ـ بـالرغم من ان الحرب تمثل منتهى الخشونة لدى الانسان , وتكون مع الاسف ضرورية في بعض
الاحـيـان مـقـابل من لا يدرك سوى منطق القوة , مع ذلك نجد ان الاسلام في برنامجه الحربي قرن
المسائل الانسانية مع وحشية الحرب , واوجب على المسلمين رعاية الاصول الاخلاقية في حربهم
مع الاعدا الشرسين .


عـندما كانت مجموعات المجاهدين من جيش الاسلام تتوجه الى ميادين القتال كان رسول اللّه (ص )
يدعوهم اليه ويوصيهم بوصاياه , ويقول :.


((سيروا بسم اللّه وباللّه وفي سبيل اللّه وعلى ملة رسول اللّه لا تغلوا, ولا تمثلوا ولاتغدروا ولا
تقتلوا شيخا فانيا, ولا صبيا ولا امراة ولا تقطعوا شجرا الا ان تضطروااليها, وايما رجل من ادنى
المسلمين او افضلهم نظر الى رجل من المشركين فهوجار حتى يسمع كلام اللّه فان تبعكم فاخوكم
في الدين وان ابى فابلغوه مامنه واستعينوا باللّه عليه ))((160)) .


ونقرا في حديث آخر:.


((نهى رسول اللّه ان يلقى السم في بلاد المشركين ))((161)) .


((ما بيت رسول اللّه (ص ) عدوا قط))((162)) .


ونـقـرا ايـضا في حديث آخر عن وصايا النبي (ص ) الحدربية الى الامام علي (ع )عندما كان الامام
عازما على التوجه الى اليمن :.


(لا تـقـاتـلـن احـدا حتى تدعوه , وايم اللّه لان يهدي اللّه على يديك رجلا خير لك من طلعت عليه
الشمس وغربت )((163)) .


/ 135