آداب الجهاد
احـد افـضل الطرق لمعرفة اصالة المدارس هو دراسة كيفية سلوك انصار تلك المدرسة مع العدو وخاصة في ميدان الحرب ثم مع اسرا الحرب ومفرزات الحرب .
ودراسـة الايات القرآنية والروايات الاسلامية الواردة في آداب الحرب توضح هذه الحقيقة وهي
ان الاسـلام لـم يـتخل عن الاهتمام بالمسائل الاخلاقية والانسانية حتى في اخشن لحظات الحياة ,
يـعـنـي مـيـدان القتال , فنجده قد عجن مورد الغضب باللطف والخشونة بالرحمة , ولا شك ان على
الـحـكـومة الاسلامية ان تهتم بهذه الاخلاقية الرفيعة التي لها اثر عميق في كيفية نظرة الاجانب
للاسلام والتي يمكنها ان تكون وسيلة لاستقطاب هؤلا وتاملهم في الدين الاسلامي علهم يرجعون .
وقـد وردت تـاكـيـدات كثيرة في آيات القرآن على رعاية العدالة وعدم تجاوزالحدود المعقولة
والانسانية في مقابل الاعدا.
من جملة تلك الايات , قوله تعالى في سورة البقرة , الاية (190):.
(وقاتلوا فى سبيل اللّه الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان اللّه لا يحب المعتدين ).
فـفي الاية اشارة الى ثلاث نقاط, الاولى هي ان الحرب لابد ان تكون للّه وفي سبيل اللّه لا من اجل
السلطة والانتقام .
والاخرى هي ان الحرب لابد ان تكون مع المعتدي , اي مالم تشن الحرب عليكم , لا تمدوا ايديكم الى
السلاح .
والنقطة الثالثة هي عدم تجاوز الحدود في ميدان الحرب , ورعاية الاصول الاخلاقية .
وعـلـيـه , فان وضع العدو سلاحه واستسلم , فلا ينبغي قتاله , وكذا الحال بالنسبة لاولئك الذين لا
يـقدرون على الحرب والقتال كالعجزة والشيوخ والاطفال والنسا,فلا ينبغي الحاق الاذى بهم , كما
ان تدمير البساتين والمزارع وهدم الاماكن التي يمكن ان يستفاد منها, واللجؤ الى استخدام الاسلحة
ذات الدمار الشامل , كل ذلك من مصاديق التعدي على الابريا والاساليب غير الانسانية , وهي ممنوعة
في نظرالاسلام .
وفي الاية 194 من نفس السورة (بعد تلك الاية بعدة آيات ) يؤكد تعالى مرة اخرى على هذا المعنى
ويقول :.
(فـمـن اعـدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا اللّه واعلموا ان اللّه مع المتقين )
وفـي هـذا اشـارة الى انكم اذا اردتم نصر اللّه لكم والانتصار في الحرب ,فعليكم اجتناب التعدي
والتمادي في القتال .
ونـفس هذا المعنى اكدت عليه الاية 2 من سورة المائدة بشكل آخر, حيث تصرح الاية قائلة : (ولا
يـجـرمـنـكم شنئان قوم ان صدوكم عن المسجد الحرام ان تعتدوا)(وتسيطر عليكم روح الانتقام
الناشئة من سلوك اعدائكم الخشن في الحديبية ).
وفـي الروايات الاسلامية ايضا وردت تعبيرات مختلفة وارشادات كثيرة في موردرعاية الاصول
الاخـلاقـيـة الانـسانية في ميدان الحرب وبعد الانتها منها تجاه الاعدا,وتتجلى في هذه الروايات
العواطف الانسانية وروح السلم بشكل واضح .
كـتب ارباب السير في سيرة رسول اللّه (ص ) انه متى ما امر جيشا بالسير الى حرب , كان يستدعي
الجيش وقادته ويعظهم ويرشدهم بمواعظ وارشادات منها:((اذهبوا باسم اللّه تعالى ))((397))
.
ورسول اللّه (ص ) نفسه لم يتعامل مع الاعدا بغير هذا التعامل الانساني , فلم يتوسل بالاغارة لتحقيق
النصر, وكان يرى جهاد النفس مقدم على كل شي .
والـتـدقـيـق فـي الارشـادات الـدقيقة جدا اعلاه , يبين بوضوح بان الاسلام لم يغفل عن المسائل
الاخلاقية المرتبطة بالحرب ابدا, وان شخص الرسول (ص ) كان يعمل بها بحذافيرها تجاه العدو,
لا مثل الاشخاص الذين يدافعون عن حقوق الانسان بالسنتهم فقط, واما اعمالهم فخالية من ذلك .
ومـضـافـا الـى ذلك فان التاكيد على ان جهاد النفس افضل الجهاد, اشارة الى ان المسلم الحقيقي هو
المسلم الذي يراعي الاصول الانسانية في ميدان الحرب .
ومما ذكر اعلاه يتضح ان الاسلام يمنع من استخدام الاسلحة الكيميائية وكل سلاح ذي دمار شامل ,
وعلى الحكومة الاسلامية ان تجتنب استخدام مثل هذه الاسلحة .
وفـي حديث آخر عن امير المؤمنين علي (ع ) قال : ((فاذا كانت الهزيمة باذن اللّه فلا تقتلوا مدبرا
ولا تـصـيـبـوا معورا ولا تجهزوا على جريح ولا تهجوا النسا باذى وان شتمن اعراضكم وسببن
امرائكم ))((398)) .
ومـن خـلال الـتـامـل فـي حديث النبي الاكرم (ص ) الذي ذكرناه واوامره الى الجيش وقادته قبل
الحرب , يتضح لنا بان هذه الارشادات انما هي من مبتنيات الاسلام الاساسية في الجهاد والحرب مع
الاعدا, وعلى الحكومة الاسلامية ان تعمل كل مابوسعها من اجل احيا تلك المباني والمحافظة عليها.