شروط القائمين على الحكومة في الاحاديث الاسلامية :
وردت فـي الاحـاديـث الاسلامية ايضا شروط ثقيلة جدا وكثيرة للقائمين على الحكومة , والتي لا يمكن بدونها تحقيق اقامة الحكومة الاسلامية بشكل كامل مطلقا.
1 ـ العلم والوعي في اعلى مستوياتهما:.
نـقـرا فـي حـديث عن النبي الاكرم (ص ): ((من ام قوما وفيهم من هو اعلم منه لم يزل امرهم الى السفال الى يوم القيامة ))((123)) .
ونقرا في حديث آخر عن الامام الصادق (ع ): ((من دعى الناس الى نفسه وفيهم من هو اعلم منه فهو
مبدع ضال ))((124)) .
2 ـ سعة الصدر وانفتاح الفكر والاستعداد على تحمل الحوادث المختلفة :.
نقرا في احدى الكلمات القصار المعروفة للامام امير المؤمنين (ع ):.((آلة الرياسة سعة الصدر))((125)) .
3 ـ الوعي بمسائل الزمان :.
نقرا في حديث عن الامام الصادق (ع ):.((العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس ))((126)) .
4 ـ مراعاة العدالة وعدم التفريق بين الناس :.
ونقرا في حديث ان الامام امير المؤمنين (ع ) قال لعمر بن الخطاب :.((ثلاث ان حفظتهن وعلمت بهن كفتك ما سواهن , وان تركتهن لم ينفعك شي سواهن )).
قال : ((وما هن يا ابا الحسن ))؟.
قـال : اقامة الحدود على القريب والبعيد, والحكم بكتاب اللّه في الرضاوالسخط, والقسم بالعدل بين
الاحمر والاسود.
((فقال عمر: لقد اوجزت وابلغت ))((127)) .
5 ـ الاهتمام بمكافاة المحسنين والعفو عن المذنبين الذين يؤمل بتوبتهم وعودتهم عن ذنوبهم :.
نقرا في حديث عن الامام الصادق (ع ):.((ثـلاثة تجب على السلطان للخاصة والعامة : مكافاة المحسن بالاحسان ليزدادوا رغبة فيه , وتغمد
ذنوب المسي ليتوب ويرجع عن غيه , وتالفهم جميعابالاحسان والانصاف ))((128)) .
6 ـ النظر لمصالح الناس ومصالحه بعين المساواة مـن ضمن الاوامر التي اصدرها الامام علي (ع ) لمحمد بن ابي بكر عندما اختاره لولاية بلاد مصر
مايلي :.
((احب لعامة رعتيك ما تحب لنفسك واهلبيتك , واكره لهم ما تكره لنفسك واهل بيتك , فان ذلك اوجب للحجة واصلح للرعية ))((129)) .
7 ـ الارتباط العاطفي مع الناس :.
لـقـد اعتبرت بعض الروايات الاسلامية السلطان العادل بمنزلة الوالد, واوصت الناس ان يحترموه احـتـرام الاب , والمراد بهذا الحديث انه ينبغي للسلطان ايضا ان ينظر للناس بعين الابوة ويعتبرهم
بـمنزلة ابنائه , وبنا على ذلك لابد من اقامة روابطعاطفية قوية بينه وبين الناس كما هو الحال بين
الاب وابنائه , ويقول الامام موسى بن جعفر(ع ) في حديث ورد عنه :.
((ان الـسـلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم فاحبوا له ما تحبون لانفسكم واكرهواله ما تكرهون
لانفسكم ))((130)) .
8 ـ الابتعاد عن البخل , والجهل , والجفا والظلم :.
يقول الامام امير المؤمنين علي (ع ) في هذا المجال :.((وقـد علمتم انه لا ينبغي ان يكون الوالي على الفروج والدما والمغانم والاحكام وامامة المسلمين ,
الـبـخـيل , فتكون في اموالهم نهمته , ولا الجاهل فيضلهم بجهله , ولا الجافي فيقطعهم بجفائه , ولا
الـخـائف لـلـدول , فـيـتخذ قوما دون قوم , ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون
المقاطع , ولاالمعطل للسنة فيهلك الامة ))((131)) .
9 ـ عدم المصانعة والتعاطي مع اهل الباطل :.
يقول امامنا ومولانا امير المؤمنين (ع ) في كلماته القصار في نهج البلاغة :.((لا يقيم امر اللّه سبحانه الا من لا يصانع ولا يضارع ولا يتبع المطامع ))((132)) .
10 ـ النظر بعين الامانة لمقامه ومنصبه :.
وهـذه الملاحظة ايضا جديرة هي الاخرى بالاهتمام , وهي ان المناصب والمسؤوليات في الحكومة الاسـلامية , تم اعتبارها في العديد من الروايات على انهاامانة الهية , دون اعتبارها على انها وسيلة
للتعالي والاستفادة منها للاغراض الشخصية , حتى انه اشير لهذا الامر في بعض الايات المباركة في
القرآن الكريم , قبل الروايات الاسلامية , اذ نقرا في الاية 58 من سورة النسا قوله تعالى :.
(ان اللّه يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ).
وقد ورد في نهاية هذه الاية في كتب التفسير والحديث روايات متعددة على ان المراد بالامانة , هو
الولاية والحكومة , وعلى راس ذلك ولاية الائمة المعصومين (عل )((133)) , ومن ذلك ما نقراه في
احدى الروايات الواردة في تفسير الاية الانفة :.
((يعني الامامة , والامامة الامانة )) ويـنقل في كتاب دعائم الاسلام ايضا في حديث عن الامام علي (ع ) انه كتب الى ((رفاعة )) قاضي
الاهواز مايلي :.
((اعلم يا رفاعة , ان هذه الامارة امانة , فمن جعلها خيانة فعليه لعنة اللّه الى يوم القيامة , ومن استعمل
خائنا فان محمدا(ص ) بري منه في الدنيا والاخرة ))((134)) .
وينقل في تفسير الدر المنثور عن الامام علي (ع ) ايضا انه قال :.
((حق على الامام ان يحكم بما انزل اللّه وان يؤدي الامانة , فاذا فعل ذلك نحق على الناس ان يسمعوا
له وان يطيعوا وان يجيبوا اذا دعوا))((135)) .
ونطالع في نهج البلاغة ايضا, ان امير المؤمنين (ع ) قال في كتابه الى والي آذربايجان :.
((وان عملك ليس بطعمة ولكنه في عنقك امانة ))((136)) .
ومـن الـبـديـهي ان هذه الروايات لا تحجم المفهوم الواسع للاية التي توصي بالمحافظة على جميع
الامانات , بل وكما هو واضح لدينا فانها تمثل المصداق الواضح للامانة الالهية .
ومما لاشك فيه ايضا ان الذي ينظر الى هذه المناصب بعين الامانة الالهية , فان اسلوبه في التعاطي مع
هـذا الامـر يـختلف كثيرا عن ذلك الذي ينظر لها على انها ملك مطلق له , وكذا الحال بشان الاموال
والثروات , فان القرآن الكريم يعبر عنها ايضا بانهاعبارة عن امانة الهية بين يدي الناس , موضحا بان
الـمـالك الاصلي لها هو اللّه تبارك وتعالى , وهو الذي اودعها بايدي الناس اياما معدودات , وهو قوله
تعالى : (وآمنواباللّه ورسوله وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه )((137)) .
ومـن الـمـسـلـم بـه ان صرف الاموال المودعة بعنوان امانة لدى الانسان في المواردالخاصة التي
يـجيزها صاحب تلك الاموال لا يوجد فيه اية صعوبة , في حين ان الانسان لو كان هو المالك الاصلي
لها, فان صرف تلك الاموال ليس سهلا عليه .