حد الساحر:.
يذم القرآن المجيد السحر والسحرة بشكل واضح , حيث نقرا في قصته موسى وفرعون , على لسان
موسى (ع ):.
((انه لا يفلح الساحرون ))((218)) .
وفـي قصته هاروت وماروت (الملكين ) ورد ذم شديد, حيث عدت الايات القرآنية الواردة في هذه
القصة السحر كفرا((219)) .
ولـكن لم ترد اشارة في القرآن الكريم الى حد الساحر, وانما ورد في الروايات الاسلامية ان حد
الساحر القتل((220)) .
وهـناك خلاف بين الفقها في ان هذا الحد مطلق وبدون قيد وشرط ام انه خاص باولئك الذين يحلون
السحر ويفعلونه او بتعبير آخ ((المرتدين ))؟.
كـمـا ان هـنـاك كلام بين العلما في حقيقة السحر, وانه هل للسحر واقعية ام انه نوع تخيل ؟ ام ان
بعضه واقعي وبعضه تخيل ؟.
ومن هنا, بحثت مسالة السحر بشكل مطول في الكتب الفقهية((221)) .
ومـا يـنبغي معرفته هنا هو ان شدة الاسلام وصرامته في مسالة السحرة قد يكون باعتبار ان هؤلا
الـسحرة وقفوا بوجه الانبيا وحاربوهم كما هو واضح من قصة سحرة فرعون , واحيانا يقوم هؤلا
الـسـحـرة بـدور اغـوا الناس البسطا ويحرفونهم عن الاعتقاد بمعاجز الانبيا, وهذا ذنب عظيم
يستوجب عقابا شديدا.
كـان ذلك , فهرسة للحدود الالهية في الاسلام , الهدف منها تطهير المجتمع والحدمن انتشار الفساد
والمنكرات وضياع الامن بين الناس .
ومضافا الى هذه الحدود, وكما اشرنا سابقا, فان بعض العقوبات الاخرى مقررة في الاسلام , سماها
الفقها ((التعزيرات )) (والتعزير ياتي بمعنى المنع , التاديب ,التعظيم والاحترام والنصرة ايضا كما
بـيـنا ذلك سابقا, وكل هذه المفاهيم تجتمع مع التعزير بمعنى ((العقاب )), وذلك لان التعزير يمنع
الـمـجـرم والمذنب من الذنب ,ويؤدبه , ويبعث على احترامه وتعظيمه في المستقبل , وينصره على
هواه ونفسه الامارة ).
قلنا بان ((التعزيرات )) هي العقوبات التي تجري في الذنوب التي لم يرد فيها حدمعين .
وتوضيح ذلك :.
ان كـل قـانون لابد من ضامن لاجرائه , بمعنى السند الذي يوجد مبررا عقلائيالاجرائه , فان خلى
القانون من هذا السند تبدل الى توصية اخلاقية بحتة , وخرج عن النطاق العملي .
صـحـيـح ان المبررات الالهية والثواب والعقاب يوم القيامة , من الدوافع القوية عندالمؤمنين , ولكن
الاسـلام لـم يـكتف بهذه المبررات الاخروية وان كان يحترمهاويقدسها, ولكنه اضاف اليها دوافع
دنيوية ومادية , ليعمل من كان ضعيف الايمان والذين لا تؤثر فيهم المبررات الاخروية كثيرا, على
رعـايـة تـلـك الـقوانين خوفا من العقاب على اقل التقادير, كي لا يتحول المجتمع الى ميدان يجول
ويصول فيه المفسدون الفاسدون عديمو او ضعيفو الايمان .
ولـمـا كانت الذنوب يختلف بعضها عن البعض الاخر, كما ويختلف المرتكبون لهامن جهة الاطلاع
والعمر والسوابق الاخلاقية وكذا المكان والزمان , وقدرة تحمل تلك العقوبات , اختلفت العتزيرات
ايضا, فاوكل تعينيها الى نظر القاضي فيراعي فيه الشرائط بدقة من كل الجهات فيعين مايراه مناسبا
للمجرم .
وفـي الـحـقيقة , ان كل العقوبات الاسلامية متفاوتة ـ ماعدا بعض الموارد التي ادرجت في الحدود
الـمعينة , فيوثر في التعزير ومقداره الشرائط واحوال المجرم وكيفية وكمية الذنب الذي يرتكبه ,
ولذا فتعيين مقدار التعزير موكول الى نظر القاضي .