يوجد- في بعض البلدان كبلادنا البحرينحرسها الله من طوارق الملوين، من الآبارالتي يخرج ماؤها بطريق الترشح من الأرض- لاتدخل في الجاري، و لعلها مما تدخل تحتالثمد بالثاء المثلثة ثم الميم ثم الدالالمهملة، و هو- على ما صرح به في القاموس-الماء القليل لا مادة له، إذ الظاهر انالمراد بالمادة هو الينبوع الذي يخرج منهالماء بقوة و ثوران دون ما يخرج بطريقالترشح من جميع سطح الأرض، و لهذا انالوالد (عطر الله مرقده) كان يطهر- تلكالآبار المشار إليها حيث كانت في قريتهمتى تنجست- بإلقاء الكر عليها دون مجردالنزح منها، إلا ان تطهيره لها بإلقاءالكر عليها كان بجعل الكر في ظروف متعددة.و فيه عندي إشكال سيأتي التنبيه عليه فيالكلام على تطهير الماء القليل ان شاءالله تعالى.
(المقالة الثانية) [الماء المطلق طاهرمطهر]
الماء المطلق- من حيث هو سواء نزل منالسماء أو نبع من الأرض أو اذيب من الثلج والبرد أو كان ماء بحر أو نحوه- طاهر في نفسهمطهر لغيره إجماعا، فتوى و دليلا، آية ورواية.فمن الآيات الدالة على ذلك قوله سبحانه(وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءًطَهُوراً) و قوله عز شأنه: (وَ يُنَزِّلُعَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءًلِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ.).
و قد أورد على الاستدلال بهذه الآياتسؤالات: (أحدها)- ان أقصى ما تدل عليهطهورية ماء السماء لا مطلق الماء، فالدليلأخص من الدعوى.
(ثانيها)- ان (ماء) في الآيتين نكرة في سياقالإثبات، و هي لا تفيد العموم كما صرحوا بهفي الأصول.
(ثالثها)- ان (طهورا) هنا لا يجوز ان يكونعلى بابه من المبالغة في أمثاله لأنالمبالغة في (فعول) إنما هي بزيادة المعنىالمصدري و شدته فيه، كأكول و ضروب،